جميل » اختطفت « رقية » و« ام كلثوم » لو لديها « عتبة » و« عتيبة »؛ وكل هذا يهون أمام مصيبة كادت أن تعصف بكلّ شيء .. لقد رحلت أمّها .. « خديجة » ذلك النبع المتدفق حناناً وحبّاً ودفئاً ..
ـ لك الله يا امّي ... ما كادت أعوام الحصار تمضي بأيّامها الصعبة ولياليها المضنية حتى ودعتي الدنيا ليبقى والدي وحيداً وهو أشدّ الناس حاجة الى من يؤازره ويقف إلى جانبه .. ولكن يا امّاه سأجهد نفسي لأملأ الفراغ الذي جثم على البيت بعد رحيلك. سأكون له بنتاً وامّاً ... سأمسح دموعه بيدين تشبهان يديك وسأبتسم له كما كنت تضيئين قلبه بابتسامتك.
ولكن يا أمّاه أنا ما أزال صغيرة ليتك صبرت قليلاً ، أبي كان قويّاً بك .. وكان يتحدّى العاصفة بعزم « ابي طالب » شيخ البطحاء تكفله صغيراً وحماه كبيراً غير انكما تركتماه وحيداً واسترحتما من هم الدنيا وغمّها وحقّ لكما أن تستريحا وقد عصفت بكما النوائب من كل مكان وسدّد لكما الدهر سهاماً مسمومة وحراباً. أجل يا أمي ... لقد اظلمت الدنيا نشر المساء ستائره السوداء وهذا عامنا عام حزن ... ها أنا انتظر أبي .. أبي الذي يريد تبديد الظلام بنور الإسلام..ولكن مكّة ترفض ذلك .. تتمنع وفيها من يحبّ حياة الظلمات كما الخفافيش لا تهوى النور ولا تحبّ النهار.