٢
ملأ رغاء الجمال فضاء مكّة ، فقد آبت القوافل التي انطلقت الى اليمن ، في رحلة الشتاء؛ كان الجوّ بارداً والسماء تزدحم بغيوم رمادية؛ وصخور الجبال الجر داء بدت وكأنها تتضرّع إلى السحب تنشدها قطرات المطر.
وشيئاً فشيئاً خفتت الأصوات وآبت الطيور إلى أوكارها ساعة المغيب ، وبدا البيت خالياً موحشاً كصحراء مقفرة؛ كانت « فاطمة » مستغرقة في تفكير عميق تطوف في خيالها سورة « مريم » تلك الفتاة البتول التي انقطعت عن العالم في صومعتها تعبد الله تتبتل اليه وحيدة .. تستكشف آفاق السماء متخففة من أثقال الأرض.
جلست فاطمة تترقب أوبة أبيها ، وبدا المنزل خالياً من كل شيء « لا زينب ، ولا رقية » ولا « ام كلثوم » ذهبن ثلاثتهن الى بيوت أزواجهنّ؛ زينب استقرت في بيت « أبي العاص بن الربيع » و« ام