وقال عنه الحافظ ابن حجر : كان من أعلم أهل عصره باللغة ، حافظاً لها. ومدحه السيوطى فقال : كان حافظاً لم يكن فى زمانه أعلم منه بالنحو واللغة والأشعار وأيام العرب وما يتعلق بها ، متوفراً على علوم الحكمة. وأثنى عليه صاحب المغرب قائلاً : لا يعلم بالأندلس أشد اعتناء من هذا الرجل باللغة ، ولا أعظم تواليف ، تفخر مرسية به أعظم فخر ، طرّزت به برد الدهر ، وهو عندى فوق أن يوصف بحافظ أو عالم.
علومه وتخصصه :
كان ابن سيده فقيهاً (١) لغويّا نحويّا أديباً منطيقاً ، قال فيه السيوطى : لم يكن فى زمانه أعلم منه بالنحو واللغة والأشعار وأيام العرب وما يتعلق بها متوفراً على علوم الحكمة.
وكان له علم بالقراءات ، ولقد كان شيخه أبو عمر الطلمنكى إماماً مقرئاً ، « ويتبين من المحكم أن مؤلفه كان على جانب كبير من العلم بالقراءات ، ولعله أخذ علمه بها من إقامته بمدينة « دانية » التى اشتهرت بأن أهلها أقرأ أهل الأندلس ؛ لأن أميرها مجاهد العامرى ـ كان يستجلب القراء ، ويتفضل عليهم وينفق عليهم الأموال » (٢).
وإلى جانب دراسته اللغة والنحو والأدب عنى بالمنطق عناية طويلة ، وارتضى فيه مذهب متى بن يونس (٣). ولعل ذلك مما حدى بالسيوطى أن يقول : « متوفراً على علوم الحكمة » على اعتبار أن المشتغلين بالمنطق كانوا يسمونه بهذا الاسم. ولذا قالت عنه دائرة المعارف : منطيق. بل صرح هو باشتغاله به كما سيأتى.
وكان لابن سيده اشتغال بالشعر حتى أنه كانت بينه وبين الأمير الموفق نبوة فبعث إليه بقصيدة يعتذر فيها.
قال فى المغرب : ومن شعره قوله :
لا تضجرن فما سواك مؤمَّلُ |
|
ولديك يحسنُ للكرام تذلُّلُ |
وإذا السحاب أتت بواصل درها |
|
فمنِ الذى فى الرِّىِّ عنها يسأل |
أنت الذى عودتنا طلب المنى |
|
لا زلت تعلم فى العلا ما يُجْهلُ |
لكن أكثر شهرته فى علم اللغة حتى لقب به كما فى لسان الميزان والمغرب ، ولقد عرف
__________________
(١) لم يصفه بذلك إلا دائرة المعارف ، وسيأتى فى اعتذار ابن حجر عن الطعون الموجهة فى ابن سيده وأن ابن حجر قال : لم يكن فقيهاً.
(٢) انظر معجم البلدان لياقوت ( دانية ).
(٣) مقدمة محققى المحكم ص ٥.