ذلك هو من نفسه فقال فى مقدمته للمحكم : « أنا الجواد الخوار العنان ، المخترق للميدان ، فى غير فن من الفنون ، واليقين قاتل لخوالج الظنون ، وذلك أنى أجد علم اللغة أقل بضائعى ، وأيسر صنائعى ، إذا أضفته إلى ما أنا به من علم حقيق النحو ، وحوشى العروض ، وخفى القافية ، وتصوير الأشكال المنطقية ، والنظر فى سائر العلوم الجدلية ».
ولقد كان سيبويه مهتمّا بأن يورد كتبه الجديد ، وأن يصقل معلوماته ـ المعجمية ـ ويرتبها ـ حتى كان أسلوبه ذا طابع جديد فى كتبه (١).
وكان ابن سيده فى موسوعيته فى جمع المادة المعجمية يقف على أخطاء وزلات من سبقه من اللغويين والنحاة فنبه على شىء من ذلك فى كتبه (٢).
انتقادات موجهة إلى ابن سيده :
مع شهرة ابن سيده وفضله وثناء الناس عليه إلا أنه لم يسلم من الطعون والانتقادات.
قال اليسع بن حزم : كان شعوبيّا يفضل العجم على العرب. وحط عليه أبو زيد السهيلى فى « الروض » عند الكلام على نقض الصحيفة فقال : « تعثر فى « المحكم » وغيره عثرات يَدْمى منها الأظل ، ويدحض دحضات تخرجه إلى سبيل من ضل ، حتى إنه قال فى الجمار : هى التى ترمى بعرفة ».
وقال أبو عمرو بن الصلاح : أضرت به ضرارته.
قال الصفدى : كان ابن سيده ثقة فى اللغة حجة ، لكنه عثر فى المحكم عثرات ...
وكذلك يهم فى النسب.
وألف أبو الحكم عبد السلام بن عبد الرحمن ( أو عبد الرحمن بن عبد السلام ) المعروف بابن برْجان ردّا عليه ، بين فيه أغلاطه فى المحكم ولم يصل إلينا نقد ابن برجان ) (٣).
تفنيد هذه الطعون :
نقل هذه الطعون الذهبى فى السير وابن حجر فى لسان الميزان ، وعقبها ـ الذهبى بقوله : « قلت : هو حجة فى نقل اللغة ».
واعتذر عنه ابن حجر فقال : « والغالط فى هذا يعذر ، لكونه لم يكن فقيهاً ، ولم يحج ، ولا يلزم من ذلك أن يكون غلط فى اللغة التى هى فنه الذى يحقق به من هذا القبيل ».
__________________
(١) انظر كلام ابن سيده نفسه فى مقدمته للمحكم.
(٢) نقلاً عن مقدمة محققى طبعة المحكم ص ٢٣.