لو يسمعون كما سمعتُ كلامَها |
|
خَرُّوا لعَبْلَة رُكّعا وسُجُودا (١) |
معلوم أن الكلمة الواحدةَ لا تستجود لا تَحزُن ولا تتملَّك قلب السامع ، وإنما ذلك فيما طال من الكلام وأمتع سامعيه لعذوبة مستمعِهِ ورِقَّة حواشِيه.
وقد قال سيبويه : هذا باب أقلّ ما يكون عليه الكلم ، فذكر هنالك حرف العطف وفاءه ولام الابتداء وهمزة الاستفهام وغير ذلك ممَّا هو على حرف واحد ، وسَمَّى كل واحدة من ذلكَ كلمة. وقد يستعمل الكلامُ فى غير الإنسان ، قال :
فصبَّحتْ والطيرُ لم تكَلَّم |
|
جابِيةً حُفَّت بسيل مُفْعَم (٢) |
وكأنّ الكلام فى هذا الاتّساع إنما هو محمول على القول ؛ ألا ترى إلى قِلّةِ الكلام هنا وكثرة القول. والكَلِمة : اللفظة ، حِجازيَّة. وجمعها : كَلِم يذكّر ويؤنَّث ، يقال : هو الكَلِم وهى الكلِم.
وقول سيبويه : هذا باب الوقف فى أواخر الكلِم المتحرّكة فى الوصل يجوز أن يكون (المتحركة) من نعت (الكلم) فتكونَ (الكَلِم) حينئذ مؤنَّثة ، ويجوز أن يكون من نعت (الأواخر) فإذا كان ذلك فليس فى كلام سيبويه هنا دليل على تأنيث الكلم ، بل يحتملُ الأمرين جميعا ؛ فأمَّا قول مُزَاحِم العُقيلىّ :
لظلّ رهينا خاشعَ الطَّرْف حَطَّه |
|
تخلُّب جَدْوَى والكلام الطرائف (٣) |
فوصفه بالجمع ، فإنما ذلك وصف على المعنى ؛ كما حَكَى أبو الحسن عنهم من قولهم : ذهب به الدينار الحُمْر والدرهم البِيض ، وكما قال :
*تراها الضبع أعظمهنّ رأسا* (٤)
__________________
(١) البيت لكثير عزة فى ديوانه ص ٤٤١ ؛ ولسان العرب (كلم).
(٢) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (طمم) ، (فعم) ، (كلم) ؛ وتاج العروس (فعم).
(٣) البيت لمزاحم العقيلىّ فى ديوانه ص ٢٩ ؛ ولسان العرب (كلم).
(٤) صدر البيت لساعدة بن جؤبّة الهذلى فى شرح أشعار الهذليين ص ٣٢٢ ؛ ولسان العرب (حرح) ، (جعر) ، (جرهم) ، (حرهم) ، (كلم) ، (منن) ؛ وتاج العروس (جرهم) ؛ وللأعلم الهذلى فى تاج العروس (جعر) ؛ وللهذلى فى تاج العروس (حرح) ؛ وبلا نسبة فى تهذيب اللغة (١ / ٣٦٢) ؛ والمخصص (٨ / ٧١ ، ١٦ / ١٧٧). وعجز البيت : *جراهمة لها حرة وثيل*.