هو الثاني ويتضح ذلك بعد ان ندرك ان الصراع الذي وقع في التاريخ لم يكن صراعا بين الاشخاص لتنتهي عاشوراء بانتهائهم وانما كان صراعا بين مبدأي الحق والباطل والصراع بينهما قد وقع بين افراد اول مجتمع وجد على صعيد هذه الحياة وبذلك ندرك ان لعاشوراء بهذا الاعتبار امتدادا وجذورا ضاربة في اعماق التاريخ ولم يكن حدوثها متأخرا ومقصورا على زمان الامام الحسين عليهالسلام وخصومه. وقد ذكر لنا القرآن الكريم نموذجا لهذا الصراع المبدئي التاريخي وهو الذي وقع بين ابني آدم هابيل وقابيل وانطلق بعد ذلك في رحاب الزمن حتى وصل الى عصر الرسول الاعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ودعوته المباركة وزحف بعده حتى وصل الى ذورته في عصر حفيده الامام الحسين عليهالسلام وتابع زحفه حتى وصل الى زماننا هذا وسيستمر الى ان يبزغ فجر النصر النهائي لمبدأ الحق والعدل والفضيلة على اضدادها على يد المصلح الاكبر الامام المهدي المنتظر ( عج ) عندما يصدر الامر الإلهي بظهوره ليملأ الارض كلها قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.
وبامتداد هذا الصراع الى عصرنا تتمثل لنا كربلاء جديدة في كل أرض يحصل فوقها كما تتجدد عاشوراء وتتمثل في كل يوم يحصل فيه اي ذلك الصراع.
وقد ادرك الإمام الصادق عليهالسلام هذه الحقيقة المبدئية التاريخية فترجمها بقوله عليهالسلام كل يوم عاشوراء وكل ارض كربلاء.
وذلك لان طرفي هذا الصراع في الدرجة الاولى هما المبدآن المذكوران ويسري منهما الى كل من يحملهما من الافراد في كل زمان ومكان ومن الواضح ان الصراع الخارجي مسبوق بالصراع الداخلي الواقع بين هذين المبدأين في عالم الفكر والقلب والنفس.