والخسارة والأخروية كناية عن المضرة الدنيوية لان الله سبحانه لا يحكم بالخسران واستحقاق العذاب في الآخرة إلا بسبب ما هو مضر ومحرم في الدنيا ، كما هو معلوم بمنطق الحكمة والعدالة الإلهية.
وانطلاقاُ من الشعور بضرورة تجلية هذه الحقيقة وتوضيحها بالأسلوب العملي والبيان الادبي من اجل ترسيخ العقيدة الصحيحة في افكار الجيل وتقوية إيمانه وثقته برسالة السماء ليدخل في مدرستها التربوية انتماءً بعد دخولها في عقله وعيا وفي قلبه ايمانا ثابتا يدفعه نحو العمل والتطبيق والاستقامة في نهجها القويم التي تؤدي به الى الهدف المنشود والغرض المقصود من خلقه وتكليفه وهو الكمال والسعادة في الدنيا والآخرة.
أجل : انطلاقا من الشعور بالمسؤولية نحو المهمة الرسالية المذكورة فقد بذلت الجهد المستطاع في سبيل تأدية هذا الواجب المقدس ، ويسجد القارىء الكريم تفصيلا ما اشرت اليه اجمالاً في هذه المقدمة ، من الاهتمام والتركيز في الخطب والمحاضرات الدينية التربوية المنشورة في هذا الجزء اي الجزء الاول من وحي الإسلام ، على إبراز الجانب الحضاري والتربوي في الرسالة الاسلامية الخالدة الذي يصنع الفرد المؤمن الصالح والمجتمع الاسلامي الفاضل بالحضارة السماوية المربية التي تنور العقل بالعلم والعرفان وتضيء القلب بنور العقيدة والايمان ليحلق بجناحي المعرفة الصحيحة والعقيدة السليمة الراسخة الى سماء الرقي والتقدم في مختلف الميادين.
وبذلك تميزت الحضارة السماوية الكاملة عن الحضارة العصرية الناقصة لاعتمادها على الجانب العلمي وحده. بمعزل عن العنصر الايماني الذي يشد المخلوق الجاهل الناقص الضعيف ويربطه بخالقه