الغراء الناظرة الى جميع قضايا الحياة والإنسان لتعالجها بدقة وحكمة وتعطي لكل موضوع حكمه ولكل مشكلة حلها ولكل حاجة قضاءها بما يناسب طبيعة الإنسان المشرع له وفطرته التي فطر الله الناس عليها لا تبديل لخلق الله (١).
وكما لا مجال للتبديل والتغير في خلق الإنسان وطبيعته من الناحية التكوينية كذلك لا مجال للتبديل والتغيير في نظام الله سبحانه المشرع له ، اي للإنسان من الناحية التشريعة وذلك لان التشريعات السماوية منها ما يمثل الغذاء والدواء معاً ، نظير بعض الفواكه والاطعمة التي تقوم بكلا دوري التغذية والعلاج او الوقاية ، ومنها ما يمثل الدواء المعالج للكثير من الامراض المعنوية او المادية او هما معاً ، ومن المعلوم ان الغذاء الوافي والدواء الشافي لا يعرف به إلا الطبيب الحاذق العارف بطبيعة ومزاج الشخص الذي يراد تقديم الغذاء والدواء له ، فإذا قدم له ما هو مناسب لغذائه والمعالج لدائه تحقق الغرض المطلوب وإذا قدم له ما لايناسبه من الغذاء والدواء لا يتحقق الهدف المنشود ، وكثيراً ما يتحقق عكسه والى هذه الحقيقة التكوينية والتشريعية اشار الله سبحانه بقوله :
( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين ) (٢).
وذلك لانه لا يراد بعدم القبول مجرد الرفض التشريعي المعبر عن الحرمة وارتكاب الإثم بالمخالفة ، بل يراد به الرفض الطبيعي التكويني نظير رفض الجسم لبعض المآكل والمشارب المرة طعماً والمضرة صحة
__________________
(١) إشارة الى الآية رقم ٣٠ من سورة الروم وهي قوله تعالى : ( فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن اكثر الناس لا يعلمون ).
(٢) سورة آل عمران ، الآية : ٨٥.