قيد حريته بالنظام التشريعي فلم يسمح له بظلم الآخرين والاعتداء عليهم فإذا التزم بذلك سلم وسلم غيره من الظلم كما اراد الله سبحانه ، وكتب الله له الثواب على التزامه وامتثاله واذا خالف حكم الله تعالى وظلم بذلك نفسه وغيره استحق العقوبة العادلة يوم الحساب وربما عجلت له في الدنيا اذا اقتضت الحكمة الإلهية ذلك
عدالة السماء تقف مع المظلوم في وجه الاعتداء :
واما المظلوم فسوف لا تذهب مظلوميته هدرا بل لا بد ان ينظر اليها بعين العدل التشريعي معجلا وذلك بإعطاء وليه الحق في القصاص اذا كانت الجناية على حياته او اخذ الدية اذا تنازل الولي عن الاخذ بحق القصاص ووافق على اخذ الدية وكذلك اذا كان الاعتداء على احد اعضائه عمدا فالشرع يعطي هذا المظلوم المعتدى عليه الحق بالقصاص او الدية اذا تنازل عن الاول ورضي بها واذا لم يكن الاعتداء جناية على النفس او على احد الاعضاء على وجه توجب القصاص او الدية بل كان مسببا ما هو اقل من ذلك فقد اعطاه الشرع المقدس حق الرد بالمثل لقوله تعالى : ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا بمثل ما اعتدى عليكم ) (١).
واذا كان الاعتداء مسببا لإتلاف المال فالشرع يوجب على هذا المعتدي ضمان ما اتلفه لصاحبه بمثله او بقيمته وهكذا فالله العادل بقضائه وشرعه لا يظلم احدا ولا يسمح لغيره بظلمه واذا اعتدي عليه وقف الى جانبه في هذه الحياة بالتشريع العادل كما يأخذ له بحقه في الآخرة بالقضاء والفصل العادل ايضا حتى لا يذهب حق المظلوم هدراً
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ١٩٤.