وينجح في هذه الحياة الدنيا وبعدها في الآخرة هو الشخص الذي تتوفر فيه الاوصاف المذكورة في صدر هذه السورة المباركة وهي سورة ـ المؤمنون ـ وهي كثيرة لا يتسع المجال للحديث حول كل واحد منها ولذلك اقتصرت على ذكر ثلاثة منها لتكون موضع حديث اليوم ـ وقبل الشروع بالحديث حولها أحببت ان امهد لذلك بمقدمة مختصرة وهي ان الإيمان في حقل النفس والقلب كالشجرة المغروسة في حقل الحياة فكما ان هذه الشجرة اذا كانت عميقة الجذور وثابتة في اعماق تربة الحقل اكثر تكون فروعها ممتدة الى الفضاء اكثر وبذلك يكون ثمرها اوفر واطيب كما اشار الله سبحانه الى هذا المعنى بقوله :
( ألم تر كيف ضرب اللهُ مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السمآء * تُوتي أُكلها كل حين بإذن ربها ويضربُ اللهُ الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ) (١).
دور الصلاة الخاشعة في تزكية النفس والإعراض عما يضرها :
هكذا الإيمان الصادق الراسخ الثابت في أعماق تربة النفس ـ يمتد بفروعه الى سماء العلاء ويعطي الكثير والطيب من ثمر الخير والسعادة في الدنيا والآخرة ويأتي الخشوع لله في الصلاة ليكون ثمرة يانعة من ثمرات الشجرة الإيمانية حيث تتمثل عظمة الله سبحانه في عقل المؤمن حال صلاته له واتصاله به ، بصورة تفصيلية تسيطر على مشاعره وتجعله في حالة خشوع نفسي وخضوع جسمي امام عظمته وجلاله.
وبقدر ما يقرب المؤمن من الحق ويرتبط به بعلاقة الإيمان الوثيقة
__________________
(١) سورة إبراهيم ، الآيتان : ٢٤ ـ ٢٥.