ـ يكون بعيدا عن اللغو بكل أقسامه ولذلك رتب الله سبحانه الإعراض عنه على الخشوع لله سبحانه حال الصلاة وخارج نطاقها الشكلي ـ والاعراض يحمل في طيه مفهوما سلبيا وهو اعمق في سلبيته من مجرد الترك للباطل وذلك لان الترك الخارجي قد يجتمع من الميل النفسي للأمر المتروك وهذا بخلاف الإعراض المتضمن للعزوف والزهد الباطني مضافا الى الترك الخارجي.
والإعراض عن اللغو وهو الثمرة الثانية من ثمرات الإيمان التي ذكرها سبحانه في هذه السورة أي ـ سورة المؤمنون ـ جاء في السياق القرآني الحكيم ـ نتيجة للخشوع لله سبحانه حال الصلاة ومقدمة تمهيدية للثمرة الثالثة وهي فعل الزكاة وتطهير المال والنفس بإخراجها ـ باعتبار ان معناه السلبي يمثل التخلية للنفس مما يضرها مقدمة لتزكيتها وتحليتها بما ينفعها ويرفعها من الاعمال الصالحة والاخلاق الفاضلة تمشيا مع القاعدة الاخلاقية التي تقول التخلية ثم التحلية.
والمراد باللغو الباطل بكل انواعه وهو كل ما لافائدة منه في الآخرة ـ ومن اوضح مصاديقه بهذا الاعتبار ـ العمل الحرام لانه يضاف الى عدم نفعه هناك ـ تسبيبه للضرر الكبير ويأتي المكروه في الدرجة التالية بلحاظ عدم نفعه يوم القيامة وان كان لا يسبب الضرر الاخروي في نفسه وبعنوانه الاولي ولكن المؤمن الواعي قوي الايمان يحرص على ان لا يصدر منه الا ما يكون مقربا من الله سبحانه وثمنا لجنة الخلود والسعادة الحقيقية الابدية ـ ولذلك نقل عن بعض العظماء انه لم يترك مستحبا ولم يفعل مكروها علما منه بأن المؤمن بقدر ما يتقرب من الله سبحانه بالتقوى يقرب الله منه بالتوفيق والنجاح في كل المجالات ولذلك ورد في الحديث القدسي ما مضمونه : لا يزال عبدي يتقرب اليَّ بالنوافل