ظلمات الجاهلية الى نور الانسانية بما تحمله هذه الكلمة من مثل سامية وقيم رفيعة ـ وحيث ان الحق كان ولا يزال محاربا من قبل اهل الباطل ـ كان لا بد له من تشريع خاص يمثل السياج الواقي والدرع المانع من إصابته بالاضرار والاخطار المتوقع تسربها اليه من اعداء الانسانية وقد نهضت فريضة الجهاد المقدس بهذ الدور المبارك منذ فجر الدعوة المحمدية حيث كان لها الاثر البليغ في تشييد صرح الرسالة بعد الهجرة ـ كما كان لها الدور البارز في ثبات المؤمنين وصبرهم على الاذى في سبيل الله ـ قبلها الامر الذي ثبت اقدامهم على المنهج الحق رغم الايذاء الشديد الذي تعرضوا له من قبل اعداء الدعوة الجديدة المجيدة.
ومن المعلوم ان الثبات في ساحة الصراع وعدم الانهزام أمام المعتدين الظالمين ـ رغم قلة العدد وتواضع العُدد ـ يعتبر من اعلى مراتب الجهاد ومن هنا عبر عنه بالجهاد الاكبر ـ وهكذا انطلقت فريضة الجهاد مع الرسالة جنبا الى جنب تحميها من العدوان الفكري والسياسي كما تحميها من العدوان العسكري ـ وقد نهض كل واحد من أهل البيت عليهمالسلام بدور طليعي في هذا المجال ـ وان اختلفت نوعية ادوارهم تبعا لاختلاف ظروفهم والعوامل الموضوعية التي كانت معاصرة لكل واحد منهم.
فالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وثلاثة من الأئمة وهم علي ونجلاه الحسن والحسين عليهمالسلام قام كل واحد منهم بفريضة الجهاد بكل نوعيها الفكري والعسكري وانحصرت بعد ذلك بأحد نوعيها وهو الفكري الثقافي ابتداء من الامام زين العابدين عليهالسلام وانتهاء بالمهدي عجل الله فرجه وهو لا يقل اهمية عن الجهاد العسكري.