بهذا الخطاب القرآني البليغ الرقيق خاطب الله سبحانه عباده المؤمنين طالبا منهم ابداء رغبتهم في ان يدلهم على تجارة رابحة ناجحة في الدنيا والآخرة. وحيث ان رغبتهم في ذلك متحققة جزما ـ يعتبرون بحكم المجيب على هذا السؤال بقولهم بلسان الحال :
نعم دلنا يا رب على هذه التجارة الرابحة ، وتأتي الاجابة منه سبحانه بقوله :
( تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ).
وقدم الله سبحانه الايمان بالله ورسوله على الجهاد في سبيله بالاموال والانفس باعتبار ان ذلك يمثل التعاقد وايجاد عقد التجارة مع الله سبحانه كطرف اصيل في كل المعاملات والتجارات الإلهية ومع رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم بصفته الوكيل الممثل له والنائب عنه كما هو الشأن في كل مورد لا يوجد فيه مجال لان يحصل التعامل مع الاصيل مباشرة ـ وبعد حصول هذا العقد يأتي دور العمل بمقتضاه وحيث ان الله سبحانه هو المشتري للأنفس والاموال من عباده المؤمنين كما هو نص الآية القائلة :
( * إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقا في التوراة والانجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ) (١).
والمعطي ثمنها وهو الجنة ـ يجب ان يسلم هذا المبيع لمشتريه وذلك بصرفه في سبيل الله وهو كل مورد يكون صرف المال فيه او
__________________
(١) سورة التوبة ، الآية : ١١١.