لحقيقة التوبة على حد تقوم الصلاة بأجزائها المعهودة وخصوصا الركنية منها وليست شروطا خارجة عن طبيعتها ودخيلة في صحتها وترتب الاثر عليها كما هو المفهوم من كلمة الشرط.
وتوضيح ذلك : ان التوبة معناها الرجوع الى جادة الاطاعة عمليا والعدول عما كان عليه ومن المعلوم ان هذا لا يتحقق الا بعد الشعور بالخطأ والندم على ما سلف وهذا لا بد ان يكون بمرتبة قوية بحيث تسبب عند التائب ردة فعل وحالة انقباض فكري وعاطفي تجاه المخالفة السالفة لان ذلك هو الذي يحقق الامر الثاني المتمم للأول ـ وهو ـ اي الثاني الإصرار على عدم الرجوع الى ما كان عليه لان الإصرار على العودة يدل على عدم الندم والتردد في العودة واحتمال حصولها يدل على ضعف الندم او عدمه.
اشتراط تحقق التوبة بارجاع كل حق الى صاحبه :
وبذلك يعرف الوجه في اعتبار الامر الثالث في تحقق التوبة وهو ارجاع كل حق اغتصبه بالمعصية ـ الى صاحبه وذلك لان التوبة في واقعها عملية تطهير من دنس المخالفة ومن المعلوم ان ازالة هذا الدنس لا يكون الا بازالة السبب المؤدي له لأن بقاء السبب واستمراره يقتضي بقاء ما نشأ منه وترتب عليه وحيث ان المخالفة ادت الى غصب حق الإطاعة لله سبحانه وقد يقترن ذلك باغتصاب حق بعض الناس ـ ففي هذا الفرض اذا كان حق الله سبحانه واجب القضاء والتدارك كالصلاة والصوم والزكاة والخمس والحج ـ اذا تركها المكلف وجب عليه قضاؤها ويفترق الواجبان الاولان والخامس (١) عن الواجبين الماليين ـ وهما الخمس
__________________
(١) والخامس وهو الحج.