الحج المقدسة ناسب ذلك ان اتحدث عن فلسفة هذه الفريضة وابين لكم ما يترتب عليها من الفوائد العديدة والمنافع الكثيرة التي اشار الله سبحانه إليها إجمالاً بقوله : ( ليشهدوا منافع لهم ) (١).
وهذا يقتضي بيان العبادة بمعناها العام ودورها التربوي في حياة الإنسان فرداً ومجتمعا نظرا لمساهمة ذلك في معرفة الدور الذي تؤديها فريضة الحج في هذا المجال فأقول : المراد من العبادة بمعناها العام الذي اعتبره الله سبحانه العلة الغائية الداعية لخلق الجن والإنس على ما صرح به سبحانه في كتابه الكريم :
بقوله عز وجل : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) (٢).
الخضوع الكلي والانقياد المطلق لارادة الله سبحانه بكل عمل اختياري يصدر من المكلف بإرادته واختياره سواء كان هذا العمل باطنياً كالتفكر في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار من أجل التوصل به إلى تحصيل الإيمان الراسخ بوجود الله سبحانه ووحدانيته وعدله وضرورة إرساله للأنبياء وتعيينه للأوصياء وحشره الناس غداً للحساب يوم الجزاء ، أم كان عملاً ظاهرياً وموقفاً خارجياً منطلقاً من ذلك الإيمان من أجل أن يتوصل المكلف بهذه العبادة بكلا شقيها الباطني والظاهري ـ إلى ما أراد الله سبحانه له أن يصل إليه ويحصل عليه من السعادة في الدنيا والآخرة.
العبادة بمعناها العام ودورها في سعادة الإنسان :
وذلك لأن العبادة الظاهرية تتمثل بفعل ما أمر الله به من الواجبات
__________________
(١) سورة الحج ، الآية : ٢٨.
(٢) سورة الذاريات ، الآية : ٥٦.