واستحضار هذه العظمة في الذهن والاحساس الشعوري الباطني ليظل الذاكر له بهذا المعنى على ارتباط به واقبال عليه في كل احواله واوضاعه.
وهذا ما يوحي به قوله تعالى :
( إن في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار لايات لاولى الالباب * الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ) (١).
فقد بين الله سبحانه ان المراد بذكر الله تعالى الذي يحصل من المؤمنين العقلاء في هذه الاحوال الثلاثة هو التفكر في خلق السماوات والارض بقرينة عطف قوله : ويتفكرون في خلق السماوات إلخ ، على قوله : ( يذكرون الله ) عطف تفسير كما هو الظاهر بدليل انه حصل لهم بهذا التفكر ايمانهم بحكمته تعالى وانه لم يخلق هذا الكون بما فيه ومن فيه عبثا وباطلا بلا هدف وحكمة ـ بل خلق الكون لخدمة الإنسان كما صرح بذلك في الكثير من آيات كتابه الكريم.
منها قوله تعالى : ( وسخر لكم ما في السموات وما في الارض جميعا منهُ ) (٢).
وقوله تعالى : ( ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الارض ) (٣).
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآيتان : ١٩٠ ـ ١٩١.
(٢) سورة الجاثية ، الآية : ١٣.
(٣) سورة لقمان ، الآية : ٢٠.