وخلق الإنسان لعبادته وحده لا شريك له كما صرح بذلك في قوله تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) (١).
ومن الواضح ان الوصول الى هذه النتيجة لا يكون بمجرد الذكر اللساني الخالي من التفكر القلبي والتدبر العقلي.
وهذا ما ورد النص عليه في الكثير من الروايات وبيان الكثيرين من المفسرين.
وبعد معرفة هذه الحقيقة وان الذكر الذي مدح الله عباده المؤمنين به هو التفكر واستحضار عظمة الله سبحانه وجلاله وانه الكامل بالكمال المطلق الذي اوجد الكون بقدرته الجبارة وسيره لخدمة الإنسان بحكمته البالغة وانه مصدر الخير كله والملجأ الامين لدفع الشر والسلامة منه وانه لم يكلف عباده بالعبادة الا ليتوصلوا بها الى الكمال والسعادة.
أجل : بعد معرفة ذلك كله والاطلاع عليه بوعي وتدبر يأتي دور بيان الفوائد المترتبة على هذه العبادة الباطنية التي هي روح العبادة الظاهرية كما يوحي بذلك بعض الروايات القائلة ما حاصله : لا يكتب للإنسان من صلاته الا ما اقبل به على ربه.
فأقول : الذكر بالمعنى المذكور يكون حاضرا لدى الإنسان المؤمن الذاكر الملتفت إما تفصيلا او اجمالا وارتكازا في كل احواله واوضاعه وسأقتصر على ذكر فائدة حصوله عند اهم الاوضاع التي يكون لوجوده فيها أثر بالغ ودور بارز في حياة الإنسان وتصرفاته وهي ما يلي :
حالتا النعمة والمصيبة وحالتا الاطاعة والمعصية فعلا او الاقدام عليها وحالتا الرضا والغضب وهناك احوال اخرى لم اذكرها اما لرجوعها
__________________
(١) سورة الذاريات ، الآية : ٥٦.