ظهر لهم أعمالهم السيئة أو السيئات من أعمالهم فالآية في معنى قوله : « يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ » آل عمران : ٣٠.
فالآية من الآيات الدالة على تمثل الأعمال ، وقيل : إن في الكلام حذفا والتقدير : وبدا لهم جزاء سيئات ما عملوا.
وقوله : « وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ » أي وحل بهم العذاب الذي كانوا يسخرون منه في الدنيا إذا أنذروا به بلسان الأنبياء والرسل.
قوله تعالى : « وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ » النسيان كناية عن الإعراض والترك فنسيانه تعالى لهم يوم القيامة إعراضه عنهم وتركه لهم في شدائده وأهواله ، ونسيانهم لقاء يومهم ذاك في الدنيا إعراضهم عن تذكره وتركهم التأهب للقائه ، والباقي ظاهر.
قوله تعالى : « ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا » إلخ ، الإشارة بقوله : « ذلِكُمْ » إلى ما ذكر من عقابهم من ظهور السيئات وحلول العذاب والهزء السخرية التي يستهزأ بها والباء للسببية.
والمعنى : ذلكم العذاب الذي يحل بكم بسبب أنكم اتخذتم آيات الله سخرية تستهزءون بها وبسبب أنكم غرتكم الحياة الدنيا فأخلدتم إليها وتعلقتم بها.
وقوله : « فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ » صرف الخطاب عنهم إلى النبي صلىاللهعليهوآله ، ويتضمن الكلام خلاصة القول فيما يصيبهم من العذاب يومئذ وهو الخلود في النار وعدم قبول العذر منهم.
والاستعتاب طلب العتبى والاعتذار ، ونفي الاستعتاب كناية عن عدم قبول العذر.
قوله تعالى : « فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ » تحميد له تعالى بالتفريع على ما تقدم في السورة من كونه خالق السماوات والأرض وما بينهما والمدبر لأمر الجميع ومن بديع تدبيره خلق الجميع بالحق المستتبع ليوم الرجوع إليه والجزاء بالأعمال وهو المستدعي لجعل الشرائع التي تسوق إلى السعادة والثواب ويتعقبه الجمع ليوم الجمع ثم الجزاء واستقرار الجميع على الرحمة والعدل بإعطاء كل شيء ما يستحقه فلم يدبر إلا تدبيرا جميلا ولم يفعل إلا فعلا محمودا فله الحمد كله.