الحوادث المجحفة والبلايا النازلة إلى الدهر فيقولون : فعل الدهر كذا ، وكانوا يسبون الدهر فقال صلىاللهعليهوآله : إن فاعل هذه الأمور هو الله فلا تسبوا فاعلها انتهى. ويؤيد هذا الوجه الرواية التالية.
وفي الدر المنثور ، أخرج ابن جرير والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : قال الله تبارك وتعالى : لا يقل ابن آدم يسب الدهر ـ يا خيبة الدهر فإني أنا الدهر ـ أرسل الليل والنهار فإذا شئت قبضتهما.
وفي تفسير القمي في قوله تعالى : « هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِ » الآية ، حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن عبد الرحيم القصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن « ن وَالْقَلَمِ » قال : إن الله خلق القلم من شجرة في الجنة يقال لها الخلد ـ ثم قال لنهر في الجنة : كن مدادا فجمد النهر ـ وكان أشد بياضا من الثلج وأحلى من الشهد. ثم قال للقلم : اكتب. قال : يا رب ما أكتب؟ قال : اكتب ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة ـ فكتب القلم في رق أشد بياضا من الفضة ـ وأصفى من الياقوت. ثم طواه فجعله في ركن العرش ثم ختم على فم القلم ـ فلن ينطق أبدا.
فهو الكتاب المكنون الذي منه النسخ كلها ـ أولستم عربا؟ فكيف لا تعرفون معنى الكلام؟ وأحدكم يقول لصاحبه : انسخ ذلك الكتاب ـ أوليس إنما ينسخ من كتاب آخر من الأصل؟ وهو قوله : « إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ».
أقول : قوله عليهالسلام : فكتب القلم في رق إلخ ، تمثيل للوح المكتوب فيه الحوادث بالرق والرق ما يكتب فيه شبه الكاغد ـ على ما ذكره الراغب ـ وقد تقدم الحديث عنه عليهالسلام أن القلم ملك واللوح ملك ، وقوله : فجعله في ركن العرش تمثيل للعرش بعرش الملك ذي الأركان والقوائم وقوله : ثم ختم على فم القلم « إلخ » كناية عن كون ما كتب في الرق قضاء محتوما لا يتغير ولا يتبدل ، وقوله : أولستم عربا « إلخ » ، إشارة إلى ما تقدم توضيحه في تفسير الآية.
وفي الدر المنثور ، أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: إن الله خلق النون وهو الدواة وخلق القلم ـ فقال : اكتب؟ قال : ما أكتب ـ قال اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة من عمل معمول ـ بر أو فاجر أو رزق مرزوق حلال أو حرام ـ ثم ألزم كل شيء من ذلك شأنه : دخوله في الدنيا ومقامه فيها كم ، وخروجه منها كيف؟.