وفي العيون ، في باب مجلس الرضا مع المأمون عنه عليهالسلام حدثني أبي عن جدي عن آبائه عن الحسين بن علي عليهالسلام قال : اجتمع المهاجرون والأنصار إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ فقالوا : إن لك يا رسول الله مئونة في نفقتك ـ وفيمن يأتيك من الوفود ، وهذه أموالنا مع دمائنا فاحكم فيها بارا مأجورا ـ أعط ما شئت واحكم ما شئت من غير حرج.
قال : فأنزل الله تعالى إليه الروح الأمين ـ فقال : يا محمد « قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً ـ إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى » يعني أن تودوا قرابتي من بعدي ، فخرجوا فقال المنافقون : ما حمل رسول الله على ترك ما عرضنا عليه ـ إلا ليحثنا على قرابته من بعده ، وإن هو إلا شيء افتراه في مجلسه ـ وكان ذلك من قولهم عظيما.
فأنزل الله عز وجل هذه الآية « أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ ـ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ ـ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ » فبعث إليهم النبي صلىاللهعليهوآله فقال : هل من حدث؟ فقالوا : إي والله يا رسول الله ـ لقد قال بعضنا كلاما غليظا كرهناه ـ فتلا عليهم رسول الله صلىاللهعليهوآله الآية فبكوا واشتد بكاؤهم ـ فأنزل الله تعالى : « وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ ـ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ ».
وفي الدر المنثور ، أخرج أبو داود في ناسخه من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله : « وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ » قال : نسختها هذه (١) الآية التي في الفتح ـ فخرج إلى الناس فبشرهم بالذي غفر له ـ ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
فقال رجل من المؤمنين : هنيئا لك يا نبي الله ـ قد علمنا الآن ما يفعل بك فما ذا يفعل بنا؟ فأنزل الله في سورة الأحزاب « وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللهِ فَضْلاً كَبِيراً » وقال : « لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ـ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ـ وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ ـ وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللهِ فَوْزاً عَظِيماً » فبين الله ما به يفعل وبهم.
أقول : الرواية لا تخلو من شيء :
__________________
(١) يريد قوله تعالى : « ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر » الفتح. ٢.