الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ » التوبة : ٥ ، وكأنه مبني على كون العام الوارد بعد الخاص ناسخا له لا مخصصا به والحق خلافه وتمام البحث في الأصول ، وفي الآية أيضا مباحث فقهية محلها علم الفقه.
وقوله : « ذلِكَ » أي الأمر ذلك أي إن حكم الله هو ما ذكر في الآية.
وقوله : « وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ » الضمير للكفار أي ولو شاء الله الانتقام منهم لانتقم منهم بإهلاكهم وتعذيبهم من غير أن يأمركم بقتالهم.
وقوله : « وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ » استدراك من مشية الانتصار أي ولكن لم ينتصر منهم بل أمركم بقتالهم ليمتحن بعضكم ببعض فيمتحن المؤمنين بالكفار يأمرهم بقتالهم ليظهر المطيعون من العاصين ويمتحن الكفار بالمؤمنين فيتميز أهل الشقاء منهم ممن يوفق للتوبة من الباطل والرجوع إلى الحق.
وقد ظهر بذلك أن قوله : « لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ » تعليل للحكم المذكورة في الآية والخطاب في « بَعْضَكُمْ » لمجموع المؤمنين والكفار ووجه الخطاب إلى المؤمنين.
وقوله : « وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ » الكلام مسوق سوق الشرط والحكم عام أي ومن قتل في سبيل الله وهو الجهاد والقتال مع أعداء الدين فلن يبطل أعمالهم الصالحة التي أتوا بها في سبيل الله.
وقيل : المراد بقوله : « وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ » شهداء يوم أحد ، وفيه أنه تخصيص من غير مخصص والسياق سياق العموم.
قوله تعالى : « سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ » الضمير للذين قتلوا في سبيل الله فالآية وما يتلوها لبيان حالهم بعد الشهادة أي سيهديهم الله إلى منازل السعادة والكرامة ويصلح حالهم بالمغفرة والعفو عن سيئاتهم فيصلحون لدخول الجنة.
وإذا انضمت هذه الآية إلى قوله تعالى : « وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ » آل عمران : ١٦٩ ، ظهر أن المراد بإصلاح بالهم إحياؤهم حياة يصلحون بها للحضور عند ربهم بانكشاف الغطاء.
وقال في المجمع : والوجه في تكرير قوله : « بالَهُمْ » أن المراد بالأول أنه أصلح بالهم في الدين والدنيا ، وبالثاني أنه يصلح حالهم في نعيم العقبى فالأول سبب النعيم والثاني نفس النعيم. انتهى. والفرق بين ما ذكره من المعنى وما قدمناه أن قوله