والآية تعليل مضمون الآية السابقة والمعنى ظاهر.
قوله تعالى : « أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكافِرِينَ أَمْثالُها » التدمير الإهلاك ، يقال : دمره الله أي أهلكه ، ويقال : دمر الله عليه أي أهلك ما يخصه من نفس وأهل ودار وعقار فدمر عليه أبلغ من دمره كما قيل ، وضمير « أَمْثالُها » للعاقبة أو للعقوبة المدلول عليها بسابق الكلام.
والمراد بالكافرين الكافرون بالنبي صلىاللهعليهوآله ، والمعنى : وللكافرين بك يا محمد أمثال تلك العاقبة أو العقوبة وإنما أوعدوا بأمثال العاقبة أو العقوبة ولا يحل بهم إلا مثل واحد لأنهم في معرض عقوبات كثيرة دنيوية وأخروية وإن كان لا يحل بهم إلا بعضها ، ويمكن أن يراد بالكافرين مطلق الكافرين ، والجملة من باب ضرب القاعدة.
قوله تعالى : « ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ » الإشارة بذلك إلى ما تقدم من نصر المؤمنين ومقت الكافرين وسوء عاقبتهم ، ولا يصغي إلى ما قيل : إنه إشارة إلى ثبوت عاقبة أو عقوبة الأمم السالفة لهؤلاء ، وكذا ما قيل : إنه إشارة إلى نصر المؤمنين ، وذلك لأن الآية متعرضة لحال الطائفتين : المؤمنين والكفار جميعا.
والمولى كأنه مصدر ميمي أريد به المعنى الوصفي فهو بمعنى الولي ولذلك يطلق على سيد العبد ومالكه لأن له ولاية التصرف في أمور عبده ، ويطلق على الناصر لأنه يلي التصرف في أمر منصورة بالتقوية والتأييد والله سبحانه مولى لأنه المالك الذي يلي أمور خلقه في صراط التكوين ويدبرها كيف يشاء ، قال تعالى : « ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ » الم السجدة : ٤ ، وقال : « وَرُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ » يونس : ٣٠ ، وهو تعالى مولى لأنه يلي تدبير أمور عباده في صراط السعادة فيهديهم إلى سعادتهم والجنة ويوفقهم للصالحات وينصرهم على أعدائهم ، والمولوية بهذا المعنى الثانية تختص بالمؤمنين ، لأنهم هم الداخلون في حظيرة العبودية المتبعون لما يريده منهم ربهم دون الكفار.
وللمؤمنين مولى وولي هو الله سبحانه كما قال : « ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا » ، وقال : « اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا » البقرة : ٢٥٧ ، وأما الكفار فقد اتخذوا الأصنام أو