الصالحات من الأعمال.
وقوله : « فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ » أي غير متغير بطول المقام ، وقوله : « وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ » كما في ألبان الدنيا ، وقوله : « وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ » أي لذيذة للشاربين ، واللذة إما صفة مشبهة مؤنثة وصف للخمر ، وإما مصدر وصفت به الخمر مبالغة ، وإما بتقدير مضاف أي ذات لذة ، وقوله : « وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى » أي خالص من الشمع والرغوة والقذى وسائر ما في عسل الدنيا من الأذى والعيوب ، وقوله : « وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ » جمع للتعميم.
وقوله : « وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ » ينمحي بها عنهم كل ذنب وسيئة فلا تتكدر عيشتهم بمكدر ولا ينتغص بمنغص ، وفي التعبير عنه تعالى بربهم إشارة إلى غشيان الرحمة وشمول الحنان والرأفة الإلهية.
وقوله : « كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ » قياس محذوف أحد طرفيه أي أمن يدخل الجنة التي هذا مثلها كمن هو خالد في النار وشرابهم الماء الشديد الحرارة الذي يقطع أمعاءهم وما في جوفهم من الأحشاء إذا سقوه ، وإنما يسقونه وهم مكرهون كما في قوله : « وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ » وقيل : قوله : « كَمَنْ هُوَ خالِدٌ » إلخ ، بيان لقوله في الآية السابقة : « كَمَنْ زُيِّنَ » إلخ ، وهو كما ترى.
بحث روائي
في المجمع في قوله تعالى : « ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا ما أَنْزَلَ اللهُ » قال أبو جعفر عليهالسلام : كرهوا ما أنزل الله في حق علي عليهالسلام.
وفيه في قوله تعالى : « كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ » قيل : هم المنافقون : وهو المروي عن أبي جعفر (ع).
أقول : ويحتمل أن تكون الروايتان من الجري.
وفي تفسير القمي في قوله تعالى : « كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ ـ وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ » قال : ليس من هو في هذه الجنة الموصوفة ـ كمن هو في هذه النار كما أن ليس عدو الله كوليه.