هذا ما ذهب إليه الأكثر وهو الحق ويدل عليه من النقل قوله تعالى : « لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ » وغيره من الآيات ، وما ورد من أحاديث أئمة أهل البيت عليهالسلام الدالة على أن الإيمان ذو مراتب.
وذهب جمع منهم أبو حنيفة وإمام الحرمين وغيرهما إلى أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص ، واحتجوا عليه بأن الإيمان اسم للتصديق البالغ حد الجزم والقطع وهو مما لا يتصور فيه الزيادة والنقصان فالمصدق إذا ضم إلى تصديقه الطاعات أو ضم إليه المعاصي فتصديقه بحاله لم يتغير أصلا.
وأولوا ما دل من الآيات على قبوله الزيادة والنقصان بأن الإيمان عرض لا يبقى بشخصه بل بتجدد الأمثال فهو بحسب انطباقه على الزمان بأمثاله المتجددة يزيد وينقص كوقوعه للنبي صلىاللهعليهوآله مثلا على التوالي من غير فترة متخللة وفي غيره بفترات قليلة أو كثيرة فالمراد بزيادة الإيمان توالي أجزاء الإيمان من غير فترة أصلا أو بفترات قليلة.
وأيضا للإيمان كثرة بكثرة ما يؤمن به ، وشرائع الدين لما كانت تنزل تدريجا والمؤمنون يؤمنون بما ينزل منها وكان يزيد عدد الأحكام حينا بعد حين كان إيمانهم أيضا يزيد تدريجا ، وبالجملة المراد بزيادة الإيمان كثرته عددا.
وهو بين الضعف ، أما الحجة ففيها أولا : أن قولهم : الإيمان اسم للتصديق الجازم ممنوع بل هو اسم للتصديق الجازم الذي معه الالتزام كما تقدم بيانه اللهم إلا أن يكون مرادهم بالتصديق العلم مع الالتزام.
وثانيا : أن قولهم : إن هذا التصديق لا يختلف بالزيادة والنقصان دعوى بلا دليل بل مصادرة على المطلوب وبناؤه على كون الإيمان عرضا وبقاء الأعراض على نحو تجدد الأمثال لا ينفعهم شيئا فإن من الإيمان ما لا تحركه العواصف ومنه ما يزول بأدنى سبب يعترض وأوهن شبهة تطرأ ، وهذا مما لا يعلل بتجدد الأمثال وقلة الفترات وكثرتها بل لا بد من استناده إلى قوة الإيمان وضعفه سواء قلنا بتجدد الأمثال أم لا.
مضافا إلى بطلان تجدد الأمثال على ما بين في محله.
وقولهم : إن المصدق إذا ضم إليه الطاعات أو ضم إليه المعاصي لم يتغير حاله أصلا ممنوع فقوة الإيمان بمزاولة الطاعات وضعفها بارتكاب المعاصي مما لا ينبغي