الفطرة السليمة له أو بعد استجابة الناس بفطرتهم السليمة له حجتهم باطلة زائلة عند ربهم وعليهم غضب منه ولهم عذاب شديد لا يقادر قدره.
ويؤيد هذا الوجه بعض التأييد سياق الآيات السابقة حيث تذكر أن الله شرع دينا ووصى به أنبياءه واجتبى إليه من شاء من عباده فالمحاجة في أن لله دينا يستعبد به عباده داحضة ومن الممكن حينئذ أن يكون قوله : « اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ » في مقام التعليل وحجة مدحضة لحجتهم فتدبر فيه.
وقيل : ضمير « اللهِ » للرسول صلىاللهعليهوآله والمستجيب أهل الكتاب ، واستجابتهم له اعترافهم بورود أوصافه ونعوته في كتبهم والمراد أن محاجتهم في الله بعد اعترافهم له بما اعترفوا حجتهم باطلة عند ربهم.
وقيل : الضمير له صلىاللهعليهوآله والمستجيب هو الله تعالى حيث استجاب دعاءه على صناديد قريش فقتلهم يوم بدر ، ودعاءه على أهل مكة فابتلاهم بالقحط والسنة ، ودعاءه على المستضعفين حتى خلصهم الله من يد قريش إلى غير ذلك من معجزاته ، والمعنيان بعيدان من السياق.
بحث روائي
في روح المعاني في قوله تعالى : « وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ » الآية: عن ابن عباس ومجاهد: نزلت في طائفة من بني إسرائيل ـ همت برد الناس عن الإسلام وإضلالهم ـ فقالوا : كتابنا قبل كتابكم ونبينا قبل نبيكم ـ فديننا أفضل من دينكم : وفي رواية : بدل « فديننا » إلخ فنحن أولى بالله منكم.
وفي الدر المنثور ، أخرج ابن المنذر عن عكرمة قال: لما نزلت ( إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ) ـ قال المشركون بمكة لمن بين أظهرهم من المؤمنين : قد دخل الناس في دين الله أفواجا ـ فاخرجوا من بين أظهرنا ـ فعلام تقيمون بين أظهرنا فنزلت : « وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ » الآية.
أقول : مضمون الآية لا ينطبق على الرواية إذ لا محاجة في القصة ، وكذا الخبر السابق لا يفي بتوجيه قوله : « مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ ».