مُبِينٌ ـ ٥٠. وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ـ ٥١. )
بيان
تشير الآيات إلى عدة من آيات الله الدالة على وحدانيته في الربوبية ورجوع أمر التدبير في الأرض والسماء والناس وأرزاقهم إليه ، ولازمه إمكان نزول الدين الإلهي من طريق الرسالة بل وجوبه ، ولازمه صدق الدعوة النبوية فيما تضمنته من وعد البعث والجزاء وإن ما يوعدون لصادق وإن الدين لواقع ، وقد مرت إشارة إلى خصوصية سلوك السورة في احتجاجها في البيان السابق.
قوله تعالى : « وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ » الاستنتاج الآتي في آخر هذه الآيات في قوله : « فَفِرُّوا إِلَى اللهِ ـ إلى أن قال ـ وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ » الآية ، يشهد على أن سوق هذه الآيات والدلائل لإثبات وحدانيته تعالى في الربوبية لا لإثبات أصل وجوده أو انتهاء الخلق إليه ونحو ذلك.
وفي الآية إشارة إلى ما تتضمنه الأرض من عجائب الآيات الدالة على وحدة التدبير القائمة بوحدانية مدبره من بر وبحر وجبال وتلال وعيون وأنهار ومعادن ومنافعها المتصلة بعضها ببعض الملاءمة بعضها لبعض ينتفع بها ما عليها من النبات والحيوان في نظام واحد مستمر من غير اتفاق وصدفة ، لائح عليها آثار القدرة والعلم والحكم دال على أن خلقها وتدبير أمرها ينتهي إلى خالق مدبر قادر عليم حكيم.
فأي جانب قصد من جوانبها وأية وجهة وليت من جهات التدبير العام الجاري فيها كانت آية بينة وبرهانا ساطعا على وحدانية ربها لا شريك له ينجلي فيه الحق لأهل اليقين ففيها آيات للموقنين.
قوله تعالى : « وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ » معطوف على قوله : « فِي الْأَرْضِ » أي وفي أنفسكم آيات ظاهرة لمن أبصر إليها وركز النظر فيها أفلا تبصرون.