عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ ـ ٢٥. وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ ـ ٢٦. )
بيان
فصل رابع من الآيات يعرف الوحي الإلهي بأن الدين النازل به كتاب مكتوب على الناس وميزان يوزن به أعمالهم فيجزون بذلك يوم القيامة ، والجزاء الحسن من الرزق ثم يستطرد الكلام في ما يستقبلهم يوم القيامة من الثواب والعقاب ، وفيها آية المودة في القربى وما يلحق بذلك.
قوله تعالى : « اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزانَ » إلخ ، كان مفتتح الفصول السابقة في سياق الفعل إخبارا عن الوحي وغرضه وآثاره « كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ » « وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ » « شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ » وقد غير السياق في مفتتح هذا الفصل فجيء بالجملة الاسمية المتضمنة لتوصيفه تعالى بإنزال الكتاب والميزان « اللهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتابَ » إلخ ، ولازمه تعريف الوحي بنزول الكتاب والميزان به.
ولعل الوجه فيه ما تقدم في الآية السابقة من ذكر المحاجة في الله « وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ » فاستدعى ذلك تعريفه تعالى للمحاجين فيه بأنه الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان ، ولازمه تعريف الوحي بأثره كما عرفت.
وكيف كان فالمراد بالكتاب هو الوحي المشتمل على الشريعة والدين الحاكم في المجتمع البشري ، وقد تقدم في تفسير قوله تعالى : « كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً » الآية البقرة : ٢١٣ أن هذا المعنى هو المراد بالكتاب في الكتاب ، وكون إنزاله بالحق نزوله مصاحبا للحق لا يخالطه اختلاف شيطاني ولا نفساني.
والميزان ما يوزن ويقدر به الأشياء ، والمراد به بقرينة ذيل الآية والآيات التالية هو الدين المشتمل عليه الكتاب حيث يوزن به العقائد والأعمال فتحاسب عليه ويجزي بحسبه الجزاء يوم القيامة فالميزان هو الدين بأصوله وفروعه ، ويؤيده قوله تعالى :