الْمَتِينُ ـ ٥٨. فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ ـ ٥٩. فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ـ ٦٠. )
بيان
مختتم السورة وفيه إرجاع الكلام إلى ما في مفتتحها من إنكارهم للبعث الموعود ومقابلتهم الرسالة بقول مختلف ثم إيعادهم باليوم الموعود.
قوله تعالى : « كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ » أي الأمر كذلك ، فقوله : « كَذلِكَ » كالتلخيص لما تقدم من إنكارهم واختلافهم في القول.
وقوله : « ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ » إلخ ، بيان للمشبه.
قوله تعالى : « أَتَواصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ » التواصي إيصاء القوم بعضهم بعضا بأمر ، وضمير « بِهِ » للقول ، والاستفهام للتعجيب ، والمعنى : هل وصى بعض هذه الأمم بعضا ـ هل السابق وصي اللاحق؟ ـ على هذا القول؟ لا بل هم قوم طاغون يدعوهم إلى هذا القول طغيانهم.
قوله تعالى : « فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ » تفريع على طغيانهم واستكبارهم وإصرارهم على العناد واللجاج ، فالمعنى : فإذا كان كذلك ولم يجيبوك إلا بمثل قولهم ساحر أو مجنون ولم يزدهم دعوتك إلا عنادا فأعرض عنهم ولا تجادلهم على الحق فما أنت بملوم فقد أريت المحجة وأتممت الحجة.
قوله تعالى : « وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ » تفريع على الأمر بالتولي عنهم فهو أمر بالتذكير بعد النهي عن الجدال معهم ، والمعنى : واستمر على التذكير والعظة فذكر كما كنت تذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين بخلاف الاحتجاج والجدال مع أولئك الطاغين فإنه لا ينفعهم شيئا ولا يزيدهم إلا طغيانا وكفرا.