وعلي بن أحمد بن أبي جيد ، وعلم الهدى ـ إمّا أن يكونا قد سمعا جميع الكتب التي رويا عنها عن جميع مشايخهم الأربعة والخمسة ، وهذا يكاد يكون مستحيلا ، مع خلوه في الواقع عن فائدة يعتدّ بها.
أو يكونا قرءاها أو بعضها عليهم ، فيكونان ـ مع بعده أيضا ـ مدلّسين والعياذ بالله عزّ وجلّ وإلاّ لقالا : أخبرني قراءة ، أو عن فلان قراءة.
أو يكونا استجازاها ، فيكونان أيضا مدلّسين ـ لا سيّما المفيد بالنسبة إلى الأحمدين ـ وإلاّ لقالا يوما : عنه إجازة ، أو : أخبرني إجازة.
فتعين انّهما قرءا بعضا وسمعا بعضا ، وأجيز لهما ما قرء أو سمعاه ، وما لم يقرآه ولم يسمعاه ، بمعنى أنّ مشايخهم عمدوا إلى كتاب معروف مقروء ومصحح ، وأجازوا لهما روايته بمعنى أنّهم ضمنوا لهما صحّته ، وأباحوا لهما روايته عنهم ، كما أنّ المتأخرين جرت عادتهم بأن يقولوا قرأ عليّ المبسوط ـ مثلا ـ قراءة مهذبة ، وأجزت له أن يروي عني ، بمعنى أنّي ضمنت له صحة الكتاب الذي قرأه عليّ ، وأبحت له روايته.
فهذه الإجازة بهذا المعنى تجري مجرى السماع والقراءة ، بل ربّما قيل بأنّها أقوى منهما.
وقد نبّه على ذلك الأستاذ رضي الله تعالى عنه في عدّة مواضع من تعليقه على الرجال ، قال في ترجمة العبيدي : إنّ أهل الدراية غير متفقين على المنع من الرواية إجازة من دون ذكر هذه اللفظة (١). إلى آخره.
وكانت عادتهم في الإجازة بهذا المعنى ، كعادتنا اليوم في الوجادة ، نقول : قال الشيخ في المبسوط.
__________________
(١) تعليقة الوحيد البهبهاني على رجال الأسترآبادي الكبير : ٣١٣.