المجيز ، لأنّه يكون ضامنا لصحّة ذلك الكتاب ، وأمنه من الغلط والتحريف ، وذلك يستلزم الوثاقة ، ولذلك أتى ابن عيسى من قم ليستجيز من الوشاء كتابي أبان والعلاء.
وهذه الإجازة تجري مجرى القراءة على الشيخ ، أو قراءة الشيخ عليه ، بل ربما كانت أشدّ ضبطا ، وعليه كان القدماء يعمد الشيخ منهم إلى كتاب مصحح مقروء مسموع له عن الشيوخ ، ويجيز روايته لطالب الإجازة ، ويأخذ [ ه ] المجاز له إلى الشيخ الآخر فينظره ويجيز روايته (١) ، وهكذا.
هذا شيخ الطائفة له إلى الكليني طرق متعددة ، ومن المعلوم أنه لم يقرأ الكافي عليه جميع أولئك المشايخ ، ولا قرأ هو عليهم ، وإنّما كان يقرأ بعضه على بعض أو كلّه ، أو لا يقرأ منه عليه شيء ـ كما قدمنا ـ ويأتي به إلى الآخر فيعرضه عليه فيجيزه ، بل كان الغالب منهم ـ كما في الأخبار ـ أن المستجيز يأتي إلى كتاب قد ضمن المجيز صحّته فيقرأ من أوّله حديثا ، ومن وسطه حديثا ، ومن آخره حديثا ، ويجيزه له ، فله أن يقول : أخبرني وحدثني ، وهذه طريقة معروفة ، وإلاّ فالمفيد دائما يقول : أخبرني أبو القاسم جعفر ، أو أحمد بن الوليد أو أحمد بن العطار ، وقد قالوا : إنّ الأخيرين شيخا إجازة ، فإمّا أن يكون المفيد قرأ عليهما جميع الكتب ، أو قرءاها عليه ـ وهو بعيد جدّا ـ أو يكونا عمدا إلى الكتب المقروءة المصحّحة وأجازاه ذلك ، هذا هو الظاهر.
فالرواية بلفظ ( أخبرني ) معروفة مألوفة على النحو المذكور ـ ولا تصغ إلى ما في المعالم (٢) ، وما في ترجمة محمد بن عيسى العبيدي (٣) ـ وهذا ممّا لا يكاد
__________________
(١) كذا ، ولعل الصحيح : ويجيز له روايته ، أو : يجيزه بروايته. علما أنّ المخطوطة هنا مشوشة.
(٢) معالم الدين : ٢٠٩ وما بعدها.
(٣) انظر : رجال النجاشي : ٣٣٣ ت ٨٩٦ ، وتفصيل تنقيح المقال ج ٣ : ١٦٩ ت ١١٢١١ ذيل