والظاهر أنّ المشيخة المذكورة لم توضع لذكر الطرق إلى كتب مخصوصة معيّنة للجماعة المذكورين فيها ، بل ليس فيها إجازة وإذن لأحد كي يحتمل فيها التعهّد والضمان ، وإنّما وضعها لبيان حال نفسه ، وأنّه لم يذكر في كتابه المراسيل من الأخبار ـ التي هو مرسلها ـ بل ما أودع فيه إلاّ المسانيد ، فلو جاز عنده العمل بما في الكافي من الأحاديث من دون اتصاله بمؤلّفه ـ بما ذكره من الطرق ـ لما كان فرق بين المسند منها والمرسل في الحجيّة ، فيتجه التعليل بمجرّد التسمية أو إظهار الفضيلة ، وساحة مؤلفه بريئة عن قذارة هذه النسبة.
وقال رحمهالله في مشيخة الاستبصار : وكنت سلكت في أوّل الكتاب إيراد الأحاديث بأسانيدها ، وعلى ذلك اعتمدت في الجزء الأول والثاني ، ثم اختصرت في الجزء الثالث ، وعوّلت على الابتداء بذكر الراوي الذي أخذت الحديث من كتابه أو أصله ، على أن أورد عند الفراغ من الكتاب جملة من الأسانيد يتوصل بها إلى هذه الكتب والأصول ، حسبما عملته في كتاب تهذيب الأحكام (١). إلى أن ساق الطرق كما في مشيخة التهذيب ، وابتدأ بالكافي كما فيها.
فقوله : يتوصّل بها إلى هذه الكتب ، إن كان الغرض تصحيح النسبة ـ كما لو كان الكتاب غير معلوم الانتساب إلى مؤلّفه ـ فيذكر الطريق ليتبيّن صدوره من مؤلفه ، ويظهر جواز الاعتماد عليه ، ولهذا يشترطون وثاقة كلّ من فيها ، وإن كانوا مشايخ الإجازة ، وإن لم يشترطوها فيهم في غير المقام ، فهذا غير محتمل في أغلب الكتب المذكورة كالكافي ، والمحاسن ، وكتب الصدوق ، وأمثالهم.
وإن كان المقصود التوصل بها إلى رواية هذه الكتب ـ أي يجوز لكلّ من
__________________
(١) الاستبصار ٤ : ٣٠٥.