المقصد الثاني
في سعة لغة العرب
في المزهر : قال أبو الحسن أَحمد بن فارس في فقه اللغة : باب القول على لغة العرب ، وهل يجوز أَن يُحاط بها ، قال بعض الفقهاء : كلامُ العرب لا يُحيط به إلّا نبيّ. قال ابن فارس : وهذا كلام حَرِيُّ أَن يكون صحيحاً ، وما بلغنا عن أَحدٍ ممن مَضى أَنه ادَّعى حفظ اللغة كلِّها ، فأَما الكتاب المنسوب إِلى الخليل ، وما في خاتمته من قوله : هذا آخرُ كلام العرب فقد كان الخليل أَوْرَع وأَتقى لله تعالى من أَن يقول ذلك.
قال السيوطيُّ : وهذا الذي نقله عن بعض الفقهاءِ نص عليه الإِمامُ الشافعيّ (١) رضياللهعنه ، فقال في أَوّل الرسالة : لسان العرب أَوسعُ الأَلسنةِ مذهباً ، وأَكثرُها أَلفاظاً ، ولا نعلم أَنه يحيط بجميع علمه إِنسانٌ غير نبيّ ، ولكنه لا يذهب منه شيء على عَامتها ، حتى لا يكون موجوداً فيها من يعرفه ، والعِلْم عند العربِ كالعِلْم بالسُّنَّة عند أَهلِ الفِقه ، لا يعلم رجلٌ جميعَ السُّنَن ، فلم يذهب منها عليه شيء ، فإذا جُمِع علمُ عامة أَهلِ العلم بها أَتَى على السُنن ، وإِذا فُرِّق علم كلِّ واحدٍ منهم ذهب عليه الشيءُ منها ثم كان ما ذهب عليه منها موجوداً عند غيره ، وهم في العلم طبقات ، منهم الجامع لأَكثره وإِن ذهب عليه بعضُه ، ومنهم الجامع لأَقلَّ ممّا جمع غيره ، وليس قليلُ مَا ذهب مِن السُّنن على مَن جمع أَكثرَها دليلاً على أَن يُطلب علمه عند غير طَبَقته ، من أَهل العلم ، بل يُطلَب عند نُظَرائه ما ذَهب عليه حتى يُؤتَى على جميع سُنِن رسولِ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بأَبي هو وأُمي ، فتفرَّد جُملةُ العلماء بجُملتِها ، وهم درجاتٌ فيما وَعَوْا مِنها ، وهذا لسانُ العرب عند خاصّتها وعامّتها لا يذهب منه شيء عليها ، ولا يطلب عند غيرها ، ولا يعلمه إِلا مَن قَبِلَه منها ، ولا يَشرَكها فيه إِلا من اتبعها في تعلُّمه منها فهو من أَهلِ لِسانها وعِلْم أَكثرِ اللسان في أَكثر العرب أَعمُّ من عِلمِ أَكثرِ السُّنن في العلماء. هذا نصّ الإِمام الشافعي بحروفه ، انتهى.
وقال ابن فارس في موضع آخر : اعلم أَن لغة العرب لم تنته إِلينا بكلّيتها ، وأَن الذي جاءَ عن العرب قليل من كثير ، وأَن كثيراً من الكلام ذهب بذهاب أَهله ، والله أَعلم.
المقصد الثالث
في عدة أَبنية الكلام
في المزهر نقلاً عن مختصرِ كِتاب العين للزُّبَيْدِيّ ما نَصُّه : عِدَّةُ مُستَعملِ الكلامِ كُلِّه ومُهمَلِه ستة آلافِ أَلفِ وتسعة وخمسون أَلفاً وأَربعمائة ، المستعمل منها خمسة آلافٍ وستمائة وعشرون ، والمهمل (٢) ستة آلاف أَلفٍ وستمائة أَلف وثلاثة وتسعون أَلفاً وسبعمائة وثمانون ، عدة الصحيح منه ستة آلاف أَلف وستمائة أَلف وثلاثة وخمسون أَلفاً وأربعمائة. والمعتلّ ستة آلاف ، المستعمل من الصحيح ثلاثة آلاف وتسعمائة وأَربعة وأَربعون (٣) [والمهمل منه ستة آلاف أَلف وتسعة وثمانون أَلفاً وأَربعمائة] (٤) وستة وخمسون ، والمستعمل من المعتلّ أَلف وستمائة وستة وخمسون ، والمستعمل من المعتلّ أَلف وستمائة وستة وسبعون ، والمهمل منه أَربعة آلاف وثلاثمائة وأَربعة وعشرون.
عدة الثُّنائيّ سبعمائة وخمسون ، المستعمل منه أَربعمائة وتسعة وثمانون ، والمهمل مائتان وواحد وستون ، الصحيح منه ستمائة ، والمعتل مائة وخمسون ، المستعمل من الصحيح أَربعمائة وثلاثة ، والمهمل مائة وسبعة وتسعون ، والمستعمل من المعتل ستة وثمانون ، والمهمل أَربعة وستون.
وعدَّة الثلاثي تسعة عشر أَلفاً وستمائة وخمسون ، المستعمل منه أَربعة آلاف ومائتان وتسعة وستون ، والمهمل خمسة عشر أَلفاً وثلاثمائة وواحد وثمانون ، الصحيح منه ثلاثة عشر أَلفاً وثمانمائة ، والمعتلّ سِوى اللَّفيف خمسة آلاف وأَربعمائة ، واللفيف أَربعمائة وخمسون ، المستعمل من الصحيح أَلفان وستمائة وتسعة وسبعون ، والمهمل أَحد
__________________
(١) رسالة الشافعي ص ٤٢ ـ ٤٤ باختلاف يسير.
(٢) بالأصل خمسة آلاف ألف وستمائة ألف وعشرون ألفاً والمهمل ... وما أثبتناه عن المزهر للسيوطي ١ / ٧٥.
(٣) بالأصل ثلاثة آلاف ألف وتسعمائة وأربعون ألفاً وما أثبتناه عن المزهر ١ / ٧٥.
(٤) زيادة عن المزهر. وأشار في هامشه إلى خطئه وأن «الصواب وستمائة وتسعة وأربعون ألفاً ليكون المجموع كما ذكره أولاً في عدة الصحيح».