والعجعجة في قُضاعة ، يجعلون الياءَ المشدّدة جيماً ، يقولون في تميميٍّ تميمِجّ.
والاستِنطاء لغة سعْدِ بن بكرٍ وهُذيل والأَزْدِ وقيس والأَنصار يجعلون العين الساكنة نوناً إِذا جاورَت الطاءَ ، كأَنْطى في أَعطى.
والوَتم في لغة اليمن يَجْعَل الكاف شيناً مطلقاً ، كلبيشَ اللهم لبيشَ.
ومن العرب مَن يجعل الكافَ جيماً كَالجعْبة ، يريد الكَعبة.
وفي فقه اللغةِ للثعالبي اللخْلَخانيَّة تَعْرِض في لغةِ أَعراب الشِّحْرِ وعُمَان ، كقولهم مَشَا الله ، أَي ما شَاءَ الله.
والطُّمطَمانِيَّة تَعْرِض في لغة حِمْير ، كقولهم طابم هواء (١) أَي طاب الهَواءُ.
المقصد السادس
في بيان المطرد والشاذ والحقيقة والمجاز والمشترك
والأَضداد والمترادف والمعرَب والمولَّد
أَما الكلامُ على الاطِّراد والشُّذوذ ، فقال ابنُ جِني في الخصائص إِنه على أَربعةِ أَضرُب.
مطرد في القياس والاستعمال جميعاً ، وهذا هو الغاية المطلوبة ، نحو قام زيدٌ وضربت عمراً.
ومطرد في القياس شاذ في الاستعمال ، وذلك نحو الماضي من يَذَر ويَدَع.
ومطرد في الاستعمال شاذ في القياس كاستحوَذ ، واستنْوَق الجملُ ، واستفْيَل الجمل.
وشاذ في الاستعمال والقياس جميعاً كقولهم ثوب مَصوُون ، وفرس مَقوُود ، ورجل مَعْوُود مِن مَرَضِه.
ومن الشواذّ بابُ فَعِل يَفْعِل بكسر العين فيهما كوَرِث ووَمِق ووَرِيَ ووَلِي ، وقد يأْتي الكلام عليه في محله.
أَما الحقيقة والمجاز.
ففِي النوع الرابع والعشرين من المزهر ، قال العلامة فخر الدين الرازي : جِهات المجاز يحضُرنا منها اثنا عشرَ وجْهاً.
أَحدها التجوّز بلفْظِ السّبَب عن المُسبَّب ، ثم الأَسباب أَربعة : القابِل ، كقولهم سالَ الوادِي ، والصُّوريّ ، كقولهم : لليد إِنها قدرةٌ ، والفاعل ، كقولهم : نزل السحابُ أَي المطر ، والغَائِيّ كتسميتهم العِنب الخمْرَ.
الثاني بلفظ المُسبّب عن السبب ، كتسميتهم المرضَ الشديدَ بالموت.
الثالث المُشابهة ، كالأَسد للشُّجاع.
والرابع المضَادّة ، كالسَّيئة للجزاء.
الخامس والسادس بلفظ الكلّ للجزء ، كالعامّ للخاصِّ ، واسم الجزء للكلّ ، كالأَسود للزنجي.
والسابع اسم الفعلِ على القُوّة ، كقولنا للخمرة في الدّنّ إِنها مُسكرة.
والثامن المشتقّ بعد زَوال المصدر.
والتاسع المجاورة ، كالرّاوِية للقِرْبة.
والعاشر المجاز العرْفي وهو إِطلاقُ الحقيقةِ على ما هُجِر عُرْفاً ، كالدَّابة لِلحِمار.
والحادي عشر الزيّادة والنقصان ، كقوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (٢) ، (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) (٣).
والثاني عشر اسم المتعلِّق علَى المتعلَّق به ، كالمخلوق بالخَلْق ، انتهى.
وقال القاضي تاج الدين السُّبكي في شرح المنهاج بعد كلامٍ طويل : والفَرْضُ أَن الأَصلَ الحقيقةُ ، والمجازَ خلاف الأَصلِ ، فإِذا دارَ اللفظُ بين احتمالِ المجازِ واحتمالِ الحقيقةِ فاحتمالُ الحقيقةِ أَرجحُ ، انتهى.
وقال الإِمامُ وأَتباعُه : الفرق بين الحقيقةِ والمجاز إِما أَن يقَع بالتَّنصيص أَو بالاستدلال ، أَما التنصيصُ فأَن يقول الواضعُ : هذا حقيقةٌ ، وهذا مجازٌ ، وتقول ذلك أَئمةُ اللغةِ ، وأَما الاستدلالُ فالعلامات ، فمن علاماتِ الحقيقةِ تبادرُ
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «الأَولى كتبه هكذا طاب الهواء كما نبه على ذلك في ص ٤٤ من المطالع النصرية اه.
(٢) سورة الشورى الآية ١١.
(٣) سورة يوسف الآية ٨٢.