الذِّهنِ إِلى فهمِ المعنى ، والعراءُ عن القَرينة ، ومن علاماتِ المجاز إِطلاقُ اللفظِ على ما يستحيلُ تَعلُّقُه به ، واستعمالُ اللفظ في المعنَى المنسِيِّ ، كاستعمالِ لفظ الدابَّة في الحِمار ، فإِنه موضوعٌ في اللغةِ لكلِّ ما يَدِبّ على الأَرض ، انتهى.
قال ابن برهان : وقال الأُستاذ أَبو إِسحاق الإِسفراييني : لا مجاز في لغةِ العرب.
وحكى التاج السُّبكيُّ عن خَطِّ الشيخ تقيّ الدين بن الصَّلاح أَن أَبا القاسم بن كج حكى عن أَبي عليٍّ الفارسيِّ إِنكارَ المجازِ ، فقال إِمام الحرميْنِ في التلخيص ، والغزاليُّ في المنخول : لا يصِحُّ عن الأُستاذ هذا القولُ ، وأَما عن الفارِسيَّ فإِن الإِمام أَبا الفتح بنَ جِنّي تلميذ الفارسيّ ، وهو أَعلمُ الناسِ بِمذهبه ، ولم يحْكِ عنه ذلك ، بل حَكَى عنه ما يدُلُّ على إِثباته.
ثم قال ابنُ بُرهانٍ بعد كلامٍ أَورده : ومُنكِرُ المجازاتِ في اللغة جاحِدٌ للضرورة ، ومُعطِّلٌ محاسنَ لغةِ العرب ، قال امرؤ القيس :
فَقُلْتُ له لمَّا تَمطَّى بِصُلْبِهِ |
|
وأَرْدفَ أَعْجازاً ونَاءَ بِكَلْكَلِ |
وليس لليل صُلْب ولا أَرداف.
وأَما المشتركُ.
فهو اللفظُ الواحِد الدالُّ على معنَيَيْنِ مُختلِفَين فأَكثر دلالةً على السَّواءِ عِند أَهلِ تلك اللغة ، واختلف الناسُ فيه ، فالأَكثرون على أَنه مُمكِنُ الوقوعِ ، لجواز أَن يقع إِمَّا من واضعين بأَن يضع أَحدهما لفظاً لمعنى ، ثم يضعه الآخر لمعنى آخر ، ويشتهر ذلك اللفظ ما بين الطائفتين في إِفادة المعنيين ، وهذا على أَن اللغات غير توقيفية ، وإِما من واضع واحد لغرض الإِبهام على السامع ، حيث يكون التصريح سبباً لمضرّه ، كما روى عن أَبي بكرٍ الصدّيقِ رضياللهعنه وقد سأَله رجل عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقت ذهابهما إلى الغار : من هذا؟ قال : هذا رجلٌ يهْديني السبيل.
والأَكثرون أَيضاً على أَنه واقع لنقل أَهل اللغة ذلك في كثير من الأَلفاظ ، ومن الناس من أَوجب وقُوعه ، قال : لأَن المعاني غير متناهية ، والأَلفاظ متناهية ، فإِذا وزع لزم الاشتراك ، وذهب بعضهم إِلى أَن الاشتراك أَغلب ، كذا في المزهر ، ومن أَمثلة المشترك الرؤية والعين والهلال والخال ، وسيأْتي بيان ذلك كله في مواضعه.
وأَما الأَضداد
فنقل السيوطي عن المبرد في كتاب ما اتفق لفظه واختلف معناه : في كلام العرب اختلاف اللفظين لاختلاف المعنيين ، واختلاف اللفظين والمعنى واحد ، واتفاق اللفظين واختلاف المعنيين.
فالأَوّل كقولك : ذهب وجاءَ وقام وقعد ، ورجل وفرس ويد ورجل.
وأَما الثاني فكقولك : حسبت وظننت وقعدت وجلست ، وذراع وساعد وأَنف ومرسن.
وأَما الثالث فكقولك : وجدت شيئاً ، إِذا أَردت وجدان الضالَّة ، ووجدت على الرجل ، من الموْجِدَة ، ووجدت زيداً كريماً أَي علمت ، ومنه ما يقع على شيئين متضادَّين ، كقولهم : جلَلٌ للصغير وللكبير ، والجوْن للأَسود والأَبيض. قلت : ومثله كلام ابن فارس في فقه اللغة ، وبسطه أَبو الطيب اللغوي في كتاب الأَضداد.
وأما المترادف
فقال الإِمام فخر الدين الرازي : هو الأَلفاظ المفردة الدالَّة على شيء واحد باعتبارٍ واحد ، والفرق بينه وبين التوكيد ، أَن أَحد المترادفين يفيد ما أَفاده الآخر ، كالإنسان والبشر ، وفي التوكيد يفيد الثاني تقوِيةَ الأَوَّل ، والفرق بينه وبين التابع ، أَن التابع وحده لا يفيد شيْئاً ، كقولنا عطْشان نَطْشان.
قال التاج السبكي في شرح المنهاج : وذهب بعضُ الناس إِلى إنكار المترادف في اللغة العربية ، وزعم أَن كل ما يُظَنُّ من المترادفات فهو من المتباينات التي تتباين بالصفات ، كما في الإِنسان والبشر ، فإِن الأَول موضوع له باعتبار النسيان أَو الإِنس ، والثاني باعتبار أَنه بادِي البَشَرة ، وكذا الخنْدَريس والعُقَار ، فإِن الأَول باعتبار العتق ، والثاني