ولكن لعجْز وافتقارٍ وصِبْيةٍ |
|
صِغارٍ عليْهمْ تَستهِل شُؤُونِي |
فقُلْتُ ولم أَمْلِك سَوابِق عَبْرَتِي |
|
مقَالةَ مَكْوِيِّ الفؤادِ حَزِينِ |
وقَد تُخْرِجُ الحاجَاتُ يا أُمَّ مالِكٍ |
|
كَرائم مِنْ رَبٍّ بِهنَّ ضَنِينِ |
قال : فأَرسلها الذي اشتراها ، وأَرسل معها أَربعين ديناراً أُخرى. قال السيوطي : وجدت هذه الحكاية مكتوبة بخط القاضي مجد الدين الفيروزابادي صاحب القاموس على ظهر نسخة من العُباب للصاغاني ، ونقلها من خطّه تلميذُه أَبو حامد محمد بن الضياء الحنفي ، ونقلها من خطّه ، ثم قال : وقد اختصر الجمهرةَ الصاحبُ إِسماعيل بن عبّاد في كتاب سماه الجوهرة.
ثم صنَّف أَتباعُ الخليل وأَتباعُ أَتباعه وهلمّ جرًّا كتباً شتَّى في اللغة ، ما بين مُطوَّل ومختصَر وعامٍّ في أَنواع اللغة ، وخاصٍّ بنوع منها ، كالأَجناس للأَصمعي ، والنوادر واللغات للفرَّاء ، والأَجناس والنوادر واللغات لأَبي زيد الأَنصاري ، والنوادر للكسائي وأَبي عبيدة ، والجيم والنوادر والغريب لأَبي عمرو الشيباني ، والغريب المصَنَّف لأَبي عُبيد ، والنوادر لابن الأَعرابي ، والبارع لأَبي طالب المفضل بن سلمة ، واليواقيت لأَبي عُمَرَ الزاهد المطرّز غلام ثعلب ، والمجرّد لكراع ، والمقصد لابنه سُوَيد ، والتذكرة لأَبي عليّ الفارسي ، والتهذيب للأَزهري ، والمجمل لابن فارس ، وديوان الأَدب للفارابي ، والمُحيط للصَّاحب بن عباد والجامِع للقزّاز ، وغيرها مما لا يُحصى.
وأَول من التزم الصحيح مقتصراً عليه الإِمام أَبو نصر إِسماعيل بن حَماد الجوهريّ ، ولهذا سَمَّى كتابَه بالصحاح وسيأْتي ما يتعلق به وبكتابه عند ذكره.
وقد أَلف الإِمام أَبو محمد عبد الله بن بَرّيٍّ الحواشيَ على الصحاح ، وصَل فيها إِلى أَثناءِ حَرف الشين ، فأَكملها الشيخ عبد الله بن محمد البسطي.
وأَلف الإِمام رضيّ الدين الصغاني التكملة على الصحاح ، ذكر فيها ما فاته من اللغة ، وهي أَكبر حجماً منه.
وكان في عصر صاحب الصحاح أَبو الحسن أَحمد بن فارس ، فالتزم أَيضاً في مجمله الصحيح ، قال في أَوّله : قد ذكرنا الواضحَ من كلام العرب والصحيح منه دون الوحشي المستنكر ، وقال في آخرِه قد توخيت فيه الاختصار وآثرت فيه الإِيجاز ، واقتصرت على ما صحَّ عندي سماعاً ، ولو لا تَوخِّي ما لم أشكك فيه من كلام العرب لوجدت مقالاً.
وأَعظم كتاب أُلّف في اللغة بعد عصر الصحاح كتاب المحكم والمحيط الأَعظم لأَبي الحسن علي بن سيده الأَندلسي الضرير ، توفي سنة ٤٥٨.
ثم كتاب العُباب للإِمام رضيّ الدين الصاغاني ، وقد وصل فيه إِلى (بكم).
قلت : ولسان العرب للإِمام جمال الدين محمد بن جلال الدين مكرّم بن نجيب الدين أَبي الحسن الأَنصاري الخزرجيّ الإِفريقيّ نزيل مصر ، ولد في المحرم سنة ٦٣٠ (١) وسمع من ابن المقير وغيره ، وروى عنه السبكي والذهبي وتوفي سنة ٧١١ التزم فيه جمع الصحاح والتهذيب والنهاية ، والمحكم ، والجمهرة وأَمالي ابن بري ، وهو ثلاثون مجلداً ، وهو مادة شَرحي هذا في غالب المواضع ، وقد اطلعت منها على نسخة قديمة يقال إِنها بخط المؤلف وعلى أَوّل الجزء منها بخط سيّدنا الإِمام جلال الدين أَبي الفضل السيوطي ، نفعنا الله به ، ذكر مولده ووفاته.
ثم كتاب القاموس للإِمام مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزابادي ، شيخ شيوخنا ، ولم يصل واحدٌ من هذه الثلاثة في كثرة التداول إِلى ما وصل إِليه صاحب الصحاح ، ولا نقصت رُتبة الصحاح ولا شهرته بوجود هذه ، وذلك لالتزامه ما صحَّ ، فهو في كتب اللغة نظير صحيح البخاري في الحديث ، وليس المدار في الاعتماد على كثرة الجمع ، بل على شَرْط الصحة.
قلت : وقوله ولم يصل واحد من الثلاثة .. إِلخ ، أَي هذا بالنسبة إِلى زمانه ، فأَما الآن فإِن القاموس بلغ في الاشتهار مبلغ اشتهار الشمس في رابعة النهار ، وقصر عليه اعتماد المدرسين ، وناط به قُصْوَى رَغبةِ المحدّثين ، وكثرت نسخه
__________________
(١) بالأصل «٦٩٠» تحريف. (انظر بغية الوعاة للسيوطي).