وسمعت كثيراً من مباحثه وموادّه على شيخنا البركة نحوِيِّ العصرِ ولُغوِيِّه أَبي العباس أَحمد بن علي الوجاري الأَندلسي ، الثلاثة عن الشيخ المسند أَبي عبد الله محمد الصغير ، ابن الشيخ الحافظ أَبي زيد عبد الرحمن ، ابن الإِمام سيدي عبد القادر الفاسي ، عن الإِمام محمد بن أَحمد الفاسي ، عن الإِمام النظار أَبي عبد الله محمد بن قاسم الغرناطي القيسي الشهير بالقصّار ، عن الإِمام أَبي عبد الله محمد اليسيتني ، عن علّامة المغرب أَبي عبد الله محمد بن غازي المكناسي والعلّامة أَبي عبد الله محمد الحطاب ، هما وابنُ الربيع عن الحافظ أَبي الخير شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي.
ح وزاد حسن بن علي المكي عن المحدّث المعمَّر أَبي الوفاء محمد بن أَحمد ابن العجل بن العجيل الشافعي الصوفي اليمني ، عن إِمام المقام يحيى بن مكرم ابن محب الدين محمد بن محمد بن أَحمد الطبري الحسيني ، عن الإِمام الحافظ جلال الدين أَبي الفضل عبد الرحمن بن أَبي المناقب أَبي بكر السيوطي ، قال : أَخبرني به التقي محمد بن فهد ، وأَخوه ولي الدين أَبو الفتح عطية ، وولداه فخر الدين أَبو بكر ، والحافظ نجم الدين عمر ، والشرف إِسماعيل بن أَبي بكر الزَّبيدي ، والفخر أَبو بكر بن محمد بن إِبراهيم المرشدي ، وأَمين الدين سالم بن الضياء محمد بن محمد بن سالم القرشي المكي ، وعلم الدين شاكر بن عبد الغني بن الجيعان ، والمحب محمد بن علي بن محمد المعروف بابن الأَلواحي ، ورضي الدين أَبو حامد محمد بن محمد بن ظهيرة المكي ، وأَخوه وليّ الدين ومسند الدنيا على الإِطلاق محمد بن مقبل الحلبي ، كلهم ما بين سماع وإِجازة ومناولة عن المؤلف.
ح وأَخذ ابن غازي أَيضاً عن شيخ الإِسلام زكريا الأَنصاري هو والسخاوي وابن فهد ، عن إِمام الرحلة الحافظ شهاب الدين أَحمد بن محمد بن حجر العسقلاني قال : اجتمعت به أَي بالمجد اللغوي في زبيد ، وفي وادي الحصيب ، وناولني جُلَّ القاموس وأَذِن لي وقرأْت عليه من حديثه ، وكتب لي تقريظاً على بعض تخاريجي ، وأَنشدني لنفسه في سنة ثمانمائة بزبيد ، وكتبهما عنه الصلاح الصفدي في سنة ٥٧ بدمشق :
أَحِبَّتَنَا الأَماجِدَ إِنْ رحلْتُمْ |
|
ولَمْ تَرْعوْا لَنَا عهْداً وإِلَّا |
نُوَدِّعُكُمْ ونُودِعُكُمْ قُلُوباً |
|
لَعلَّ الله يجْمعُنَا وإِلَّا |
وزاد السخاوي والتقي بن فهد عن الحافظ جمال الدين أَبِي عبد الله محمد بن أَبي بكر بن محمد بن صالح الهمداني التفري الجبلي ، عُرِف بابن الخيّاط ، عن المؤلف ، وسماعه عنه صحيح ، رأَيته في الذَّيل على طَبقات الحفّاظ. وهناك أَسانيد أُخر غير هذه عالية ونازلة ، أَعرضنا عنها خوف الإِطالة ، وفي هذا القدر الكفاية ، وقد طال البحث ، ووجب أَن نكفّ العِنان ، ونُوجِّه الوِجْهَة إِلى ما هو الأَهمّ من افتنان ما حواه الكتاب من الأَفنان ، [شرح خطبة المصنف] وقد ابتدأَ المصنف كغيره بقوله :
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اقتداءً بالكتاب العزيز ، وعملاً بالحديث المشهور على الأَلسنة «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بالٍ لا يُبْدَأُ فيه بـ (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فهو أَبتَرُ ، أَو أَقطعُ أَو أَجذَمُ» ، على الروايات والمباحث المتعلِّقة بها ، أَوردناها في رسالة مخصوصة بتحقيق فرائدها ، ليس هذا محل ذكرها الحمد لله ثنّى به اقتفاءً للأَثريْن ، وإِعمالاً للحديثين ، وجمعاً بين الرِّوايتين ، وإِيراد المباحث المتعلقة بهذه الجملة يخرجنا عن المقصود ، فليُنظر في الكتب المطَوّلات مُنْطِق البُلغاءِ نَطَق نُطْقاً تكلَّم ، وأَنطقه غَيرُه : جعله ناطقاً ، والبلغاءُ جمع بليغ ، وهو الفصيحُ الذي يَبلُغ بعبارته إِلى كُنْه ضميره ، والمعنى : أَي جاعِل البلغاءِ نَاطِقينَ أَي مُتكلِّمين باللُّغَى جمع لُغةٍ كَبُرَةٍ وبُرًى ، أَي بالأَصوات والحروف الدَّالة على المعاني ، مأْخوذٌ من لَغَوْتُ أَي تكلّمت ، ودائرةُ الأَخذ أَوسعُ من دائرة الاشتقاق ، كذا حققه الناصر اللَّقانيُّ ، وأَصلها لُغْوَة أَو لُغْيَة ، بناءً على أَن ماضيه لَغَى ، إِما أَن تكون ياؤه أَصليّةً أَو منقلبةً عن واوٍ ، كرضِي استُثقلت الحركةُ على الواوِ أَو الياء ، فنُقِلت للساكن قبلَها ، فبقيت الواو أَو الياء ساكنةً ، فحذفت وعُوِّضَ عنها هاءُ التأْنيث ، وقد يُذكَر الأَصلُ مقروناً بها ، أَو نيَّة العِوَضيَّة تكون بعد الحذْفِ ، ووزنها بعد الإِعلال فُعةٌ ، بحذف اللام ، وقولُنا كبُرَةٍ وبُرًى هو لفظ الجوهرِي ، ومرادُه المماثلة في الوزن لا الأَصل ، لقوله في فصل الباءِ نقلاً عن أَبي عليٍّ ، إِن أَصل بُرة بَرْوَةٍ بالفَتحِ ، قال : لِأَنها جُمعت