القرافي أَيضاً ، وشرح عليه المَناوي وابن عبد الرحيم وغير واحد ، وسقط من كثير من النسخ.
وأَنت أَيها اليَلْمع كأَنه مُضارع من لَمع البرق ، زيدت عليه أَل ، ومعناه الذي يلمع ويتوقّد ذَكاءً ، ويتفطن الأُمور فلا يُخطيء فيها ، والمعروف فيه اليلمعيّ بالياء المشددة الدالة على المبالغة ، كالأَلمعيّ بالهمزة ، وأَما اليلمع فهو البَرْق الخُلَّب ، وبمعنى الكذَّاب ، وكلاهما غير مناسب. العَرُوف كصَبور ، مبالغة في العارف أَي ذو المعرفة التامّة والمَعْمَعُ هو الصَّبر على الأُمور ومزاولتها ، وهو على تقدير مضاف أَي ذو المعمع. اليَهْفُوف كيَعْفُور ، الحديدُ القلبِ ويطلق على الجَبَان أَيضاً ، وليس بمرادٍ هنا. إِذا تأَمّلت أَي أَمعنت فيه الفكر وتدبرته حقَّ التدبُّر. صَنِيعي هذا مصدر كالصُّنع بالضم بِمعنى المصنوع ، أَي الذي صنعته ، وهو الكتاب المسمّى بالقاموس. وجَدْتَه أَي الصنيع أَو الكتاب. مشتمِلاً أَي منضماً. على فَرائدَ جمع فَرِيدة وهي الجوهرةُ النفيسة ، والشَّذْرَة من الذهب والقطعة التي تَفْصِل بين الجواهر في القلائد ، كما سيأْتي. أَثِيرة أَي جليلة لها أَثرة وخصوصية تمتاز بها ، أَو أَن هذه الفوائد متلقَّاة من قَرْن بعد قَرْن. وفوائد جمع فائدة ، وهي ما استفدته من علم أَو مال. كثِيرة وفي الفقرة كأُختها السابقة حسْنُ ترصيع والالتزام من حُسْن الاختصار وهو حذف الفُضُول وإِزالتها ، أَو الإِتيان بالكلام مستَوْفِيَ المعاني والأَغراض. وَتقرِيب العِبارة أَي إِدنائها وتوصيلها إِلى الأَفهام بحسن البيان. وتَهْذِيبِ الكلام أَي تنقيحه وإِصلاحه وإِزالة زوائده. وإِيراد المعاني الكثيرة في الألفاظ اليسيرة أَي القليلة.
ومِن أَحسن ما اختصَّ به وتميّز عن غيره وانفرد. هذا الكتابُ أَي القاموس. تخلِيصُ الواو من الياء الحرفان المعروفان أَي تمييزها منها وذلك أَي التخليص. قِسْمٌ أَي نوع من التصرفات الصَّرفية واللغوية. يَسِمُ مِن وَسَم إِذا جعل له سِمةً وهي العلامة. المصنِّفين هم أَئمة الفن الكبار. بالعيّ وهو بالفتح العجز والتعب وعدم الإِطاقة ، ويستعمل بمعنى عدم الاهتداء لوجه المراد ، وبالكسر الحَصَرُ والعَجز في النطق خاصة. والإِعياء مصدر أَعْيَا رُباعيّاً إِذا تعب ، قال شيخنا : وبعضهم يقول العيّ من الثلاثي العَجز المعنوي ، والإِعياء الرباعي العجز الجسماني ، والمعنى أَن هذا النوع في التصرف اللغويّ والصرفيّ مما يوجب للمهرة في الفن العجز وعدم القدرة حسًّا ومعنى لما فيه من الصعوبة البالغة والتوقف على الإِحاطة التامَّةِ ، والاستقراء التام ، بل يتوقف إِدراكها على اطِّلاع عظيم وعلم صحيح.
ومنها أَي من محاسن كتابِه الدالة على حسن اختصاره. أَني لا أَذكُر ما جاءَ من جمع فاعلٍ الذي هو اسم فاعل. المعتَلّ العين الذي عينه حرف علة ياءً أَو واواً على فَعَلَة محركة في حال من الأَحوال. إِلا أَن يَصحَ أَي يعامل مَوضِعُ العينِ منه أَي من الجمع معاملةَ الصحيح ، بحيث يتحرك ولا يعلّ. كجَوَلَةٍ بالجيم من جال جَوَلانَا. وخَوَلَة بالمعجمة جمع خائل ، وهو المتكبّر ، فإِنهما لما حُرّكت العين منهما أُلحِقا بالصحيح ، وإِن كانت في الأَصل معتلة ، فإِنها لم تُعَلّ أَي لم يدخلها في الجمع إِعلال ، فصارت كالصحيح نحو طَلَبة وكَتبَة ، فاستحق أَن تُذكر لغرابتها وخروجها عن القياس. وأَما ما جاءَ منه أَي من الجمع. معتلًّا أَي مغيَّراً بالإِبدال الذي يقتضيه الإِعلال. كَباعةٍ وسَادة وفي نسخة «وقادة» بدل «وسادة» جمع بائع وسيّد وقائد ، وأَصلهما بَيَعَة وسَيَدَة ، تحركت اليَاء وانفتح ما قبلها فصارت أَلفاً. فلا أَذكره لاطِّراده أَي لكونه مطّرداً مَقيساً مشهوراً ، وفي المزهر : قال ابن جني في الخصائص : أَصل مواضع طَرَد في كلامهم التتابع والاستمرار ، من ذلك طَرَدْت الطَّريدة إِذا تبعتها واستمرَّت بين يديك ، ومنه مُطارَدَة الفرسان بعضهم بعضاً ، ثم جعل أَهل العربية ما استمرَّ من كلامٍ وغيره من مواضع الصِّناعة مطَّرِداً ، وجعلوا ما فارق ما عليه بقيّة بابه وانفرد عن ذلك شاذًّا. قلت وقد تقدم طَرف من ذلك في المقدِّمة ، قال شيخنا : وهذا المعنى الذي ذكرناه هو الذي لا ينبغي العُدول عنه ، على أَن المصنف أَخلَّ بهذا الشرط ، بل وبغيره من شُروطه ، فهي أَغلبيَّة ، لا لازمة ، فظاهر كلامه أَنه لا يذكر سادة وقادة ، وقد ذكر كلًّا منهما في مادّته ، نعم أَهمل باعَة على الشَّرْط ، وذكر عَالَة وذَادة وغيرهما. وقال المحبّ بن الشحنة والقرافي : إِن في الكلام تقدِيماً وتأْخيراً ، حَدَاه عليه التقْفِية ، أَي لم يذكر ما جاءَ على وزن فَعَلة مفتوح العين إِذا كانت عينه حرف علة ، كجَوَلة وخَوَلة وأَشباههما لاطراده ، أَي لمشابهة بعضِه