وأباحه علي وخلفه الحسن السبط المجتبى وجماعة من الصحابة ، وبقي الامر على هذه الحال حتى أجمع أهل القرن الثاني في آخر عصر التابعين على إباحته ، وحينئذ ألف ابن جريح كتابه في الآثار عن مجاهد وعطاء بمكة ، وعن الغزالي انه أول كتاب صنف في الاسلام ، والصواب انه أول كتاب صنفه غير الشيعة من المسلمين ، وبعده كتاب معتمر بن راشد الصنعاني باليمن ثم موطأ مالك ، وعن مقدمة فتح الباري ان الربيع بن صبيح أول من جمع ، وكان في آخر عصر التابعين، وعلى كل فالاجماع منعقد على انه ليس لهم في العصر الاول تأليف (٩٧٢).
أما علي وشيعته ، فقد تصدوا لذلك في العصر الاول ، وأول شيء دونه أمير المؤمنين كتاب الله عزوجل ، فانه (ع) بعد فراغه من تجهيز النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، آلى على نفسه أن لا يرتدي إلا للصلاة ، أو يجمع القرآن ، فجمعه مرتبا على حسب النزول ، وأشار إلى عامه وخاصه ، ومطلقه ومقيده ، ومحكمه ومتشابهه ، وناسخه ومنسوخه ، وعزائمه ورخصه ، وسننه وآدابه ، ونبه على أسباب النزول في آياته البينات ، وأوضح ما عساه يشكل من بعض الجهات ، وكان ابن سيرين يقول (١) : « لو أصبت ذلك الكتاب كان فيه
__________________
(١) فيما نقله عنه ابن حجر في صواعقه ، وغير واحد من الاعلام (منه قدس).
____________________________________
(٩٧٢) لانهم يقولون ان تدوين العلم ابتدأ من عهد عمر بن عبدالعزيز والصحيح أنه لم يدون أحد منهم في عهده.
راجع : تنوير الحوالك شرح موطأ مالك ج ١ ص ٥ ، الامام الصادق والمذاهب الاربعة ج ٤ ص ٥٤٤ ط بيروت ، تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام ص ٢٧٨.