يقبل منك فتركته ، أنت الذي أمرته بالمعصية». (١)
وعن أبي جعفر الباقر وأبي عبدالله الصادق عليهماالسلام قالا : «إن الله عز وجل أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب ثم يعذبهم عليها ، والله أعز من أن يريد أمرا فلا يكون» وسئلا : هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة؟
قال : «نعم ، أوسع مما بين السماء والأرض». (٢)
وعلى أساس هذا الاتجاه من الوعي والفهم فسروا آيات القرآن ، ونفوا عن كلام الله تعالى الجبر والتفويض.
عن عبد السلام بن صالح الهروي ، قال : سمعت أبا الحسن علي بن موسى بن جعفر عليهمالسلام يقول : «من قال بالجبر فلا تعطوه من الزكاة ، ولا تقبلوا له شهادة ، إن الله تبارك وتعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها ولا يحملها فوق طاقتها ، ولا تكسب كل نفس إلا عليها ، ولا تزر وازرة وزر أخرى». (٣)
سادسا ـ تفسير القرآن بالقرآن : من يتتبع طريقة أهل البيت عليهمالسلام في تفسير القرآن يلمس عندهم طريقة متميزة ومبتكرة في تفسير القرآن بالقرآن ، وهذه الطريقة من أفضل الطرق لفهم القرآن ، فإن القرآن خير دليل على القرآن ، وقد جرى على هذه الطريقة في عصرنا الفقيد العلامة الطباطبائي (رحمهالله تعالى) ، وأخرج تفسيره القيم (الميزان) على هذا الأساس المتين.
وفيما يلي نذكر نماذج من الروايات الواردة عن أهل البيت عليهمالسلام في تفسير القرآن بالقرآن. (٤)
١ ـ عن عبدالله بن الفضل الهاشمي قال : سألت أبا عبدالله جعفر بن محمد عليهالسلام عن قول الله عز وجل : (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً). (٥) فقال عليهالسلام : «إن الله تبارك وتعالى يضل الظالمين يوم القيامة عن دار كرامته ، ويهدي أهل الإيمان والعمل الصالح إلى جنته ، كما قال عز وجل : (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ) (٦) وقال عز وجل : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ). (٧) قال : فقلت : قوله عز وجل (وَما تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللهِ) (٨) وقوله عز وجل : (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ). (٩)
__________________
(١) التّوحيد : ٣٦٢ / ٨.
(٢) التّوحيد : ٣٦٠ / ٣.
(٣) التّوحيد : ٣٦٢ / ٩.
(٤) لقد اخترنا هذه النماذج من رسالة الدكتور خضير جعفر (حفظه الله) عن تفسير القرآن بالقرآن عند أهل البيت عليهمالسلام ، ورسالة (أهل البيت وتفسير القرآن) لمجموعة الامام الباقر الثقافية ، وهي من منشورات دار القرآن (المؤتمر الرابع للقرآن الكريم في قم)
(٥) الكهف ١٨ : ١٧.
(٦) إبراهيم ١٤ : ٢٧.
(٧) يونس ١٠ : ٩.
(٨) هود ١١ : ٨٨.
(٩) آل عمران ٣ : ١٦٠.