رَبَّةُ البَيْتِ (١) ، وهُنَّ رَبَّاتُ الحِجَالِ ، وفي حديث أَشْرَاطِ السَّاعَةِ «أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا ، ورَبَّهَا (٢) أَرادَ به المَوْلَى والسَّيِّدَ يَعْنِي أَنَّ الأَمَةَ تلِدُ لِسَيِّدِهَا وَلَداً فَيَكُونُ كالمَوْلَى لَهَا لأَنَّه في الحَسَبِ كَأَبِيهِ ، أَرَادَ أَنَّ السَّبْيَ يَكْثُرُ والنِّعْمَةَ تَظْهَرُ في النَّاسِ فَتَكْثُرُ السَّرارِي ، وفي حديث إِجَابة الدَّعْوَةِ (٣) «اللهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ» أَي صَاحِبَهَا ، وقيلَ المُتَمِّمَ لَهَا والزَّائِدَ في أَهْلِهَا والعَمَلِ بها والإِجَابَةِ لَهَا ، وفي حديث أَبي هريرةَ «لَا يَقُلِ المَمْلُوكُ لِسَيِّدِهِ : رَبِّي» كَرِهَ أَنْ يَجْعَلَ مَالِكَهُ رَبًّا [له] (٤) لِمُشَارَكَةِ اللهِ في الرُّبُوبيَّة (٥) فَأَمَّا قوله تعالَى (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) (٦) فَإِنَّهُ خَاطَبَهُمْ عَلَى المُتَعَارَفِ عِنْدَهُمْ ، وعلى ما كانُوا يُسَمُّونَهُمْ به ، وفي ضَالَّةِ الإِبِلِ «حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا» فإِن البَهَائِمَ غَيْرَ مُتَعَبّدَةٍ وَلَا مُخَاطَبَةٍ ، فهي بمَنْزِلَةِ الأَمْوَالِ التي (٧) تَجُوزُ إِضَافَةُ مالِكِها إِليها ، وقولُه تعالى (ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً). فَادْخُلِي فِي عَبْدِي (٨) فِيمَنْ قَرَأَ به ، مَعْنَاهُ ـ والله أَعْلَمْ ـ ارْجِعِي إِلى صَاحِبِكِ الذي خَرَجْتِ مِنْهُ ، فادخُلِي فيهِ ، وقال عزوجل (إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ) (٩) قال الزجاج : إِنَّ العَزِيزَ صَاحِبِي أَحْسَنَ مَثْوَاي ، قال : ويَجُوزُ أَنْ يكونَ : الله رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ، ج أَرْبَابٌ ورُبُوبٌ.
والرَّبَّانِيُّ : العَالِمُ المُعَلِّمُ الذي يَغْذُو النَّاسَ بصِغَارِ العُلُومِ (١٠) قبلَ كِبَارِهَا ، وقال مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ بنُ الحَنَفِيَّةِ لَمَّا مَاتَ عَبْدُ الله بنُ عَبَّاسٍ «اليوْمَ مَاتَ رَبَّانِيُّ هَذِهِ الأُمَّةِ» ، ورُوِي عن عَلِيٍّ أَنَّه قَالَ «النَّاسُ ثَلاثَةٌ : عَالِمٌ رَبَّانِيٌّ ، ومُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ نَجَاةٍ ، وهَمَجٌ رَعَاعٌ أَتباعُ كُلِّ نَاعِقٍ» والرَّبَّانِيُّ : العَالِمُ الرَّاسِخُ في العِلْمِ والدِّينِ ، أَو العَالِمُ العَامِلُ المُعَلِّمُ ، أَو العالِي الدَّرَجَةِ في العِلْمِ ، وقيلَ : الرَّبَّانِيُّ : المُتَأَلِّهُ العَارِفُ باللهِ عَزَّ وجَلَ. ومُوَفّقُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي العَلَاءِ الرَّبَّانِيُّ المُقْرِئ كانَ شَيْخاً للصُّوفِيّةِ ببَعْلَبَكَّ لَقِيَه الذَّهَبِيُّ.
والرِّبِّيُّ والرَّبَّانِيُّ : الحَبْرُ بكَسْرِ الحَاء وفَتْحِها ، ورَبُّ العِلْمِ ويقالُ : الرَّبَّانِيّ : الذي يَعْبُدُ الرَّبَّ ، قال شيخُنَا : ويوجدُ في نُسخ غريبةٍ قديمةٍ بعد قوله «الحَبْرُ» ما نَصَّه : مَنْسُوبٌ إِلَى الرَّبَّانِ ، وفَعْلَانُ يُبْنَى مِنْ فَعِلَ مَكْسورِ العَيْنِ كَثِيراً كعَطْشَانَ وسَكْرَانَ ، ومِنْ فَعَلَ مَفْتُوحِ العَيْن قَلِيلاً كنَعْسَانَ ، إلى هنا ، أَوْ هُوَ مَنْسُوبٌ إِلى الرَّبِّ ، أَي اللهِ تعالَى بزيادَةِ الأَلِف والنونِ للمُبَالَغَةِ ، [في النسب] (١١) وقال سيبويه : زادُوا أَلفاً ونُوناً في الرَّبَّانِيِّ إِذا أَرَادُوا تَخْصِيصاً بعِلْمِ الرَّبِّ دُونَ غَيْرِه ، كأَنَّ مَعْنَاهُ صاحبُ عِلْمِ بالرَّبِّ دونَ غيرِه من العُلُومِ ، والرَّبَّانِيُّ* كقولِهِم إِلهِيٌّ ، ونُونُه كلِحْيَانِيّ وشَعْرَانِيّ ورَقَبَانِيّ إذا خصَّ بِطُولِ اللِّحْيَةِ وكَثْرَةِ الشَّعْرِ وغِلَظِ الرَّقَبَةِ ، فإِذا نَسَبُوا إلى الشَّعِر قالوا : شَعِريُّ ، وإلى الرَّقَبَةِ قالُوا رَقَبِيٌّ و [إِلى اللّحْيَة] (١١) لِحْيِىّ ، والرِّبِّيُّ المنسوب إِلى الرَّبّ ، والرَّبَّانِيُّ : الموصوف بعِلْمِ الرَّبِّ ، وفي التنزيل (كُونُوا رَبّانِيِّينَ) (١٢) قال زِرُّ بنُ عَبْدِ اللهِ : أَي حُكَمَاءَ عُلَمَاءَ ، قال أَبو عُبيدٍ : سمعتُ رجلاً عالِماً بالكُتُب يقولُ : الرَّبَّانِيُّونَ : العُلَمَاءُ بالحَلَالِ والحَرَام ، والأَمْرِ والنَّهْي ، قال : والأَحْبَارُ : أَهْلُ المَعْرِفَةِ بِأَنْبَاءِ الأُمَمِ ، ومَا (١٣) كَانَ ويَكُونُ ، أَوْ هُوَ لَفْظَةٌ سِرْيَانِيَّةٌ أَوْ عِبْرَانِيَّةٌ ، قاله أَبو عُبَيْد ، وزَعَمَ أَنَّ العَربَ لا تعرفُ الرَّبَّانِيِّينَ وإِنَّما عَرَفَهَا الفُقَهَاءُ وأَهْلُ العِلْمِ.
وَطَالَتْ مَرَبَّتُهُ النَّاسَ ورِبَابَتُه ، بالكَسْرِ أَي مَمْلَكَتُهُ قال عَلْقَمَة بنُ عَبَدَة :
وكُنْتُ امْرَأً أَفْضَتْ إِلَيْكَ رِبَابَتِي |
وقَبْلَكَ رَبَّتْنِي فَضِعْتُ رُبُوب(١٤) |
ويُرْوى : رَبُوبُ ، بالفَتْحِ ، قال ابن منظور : وعِنْدِي أَنَّه
__________________
(١) اللسان : وفلان رب البيت.
(٢) النهاية : ربها أو ربتها.
(٣) النهاية : إجابة المؤذن.
(٤) زيادة عن النهاية.
(٥) عن النهاية : وبالأصل «الربية».
(٦) سورة يوسف الآية ٤٢.
(٧) في النهاية : التي يجوز إضافة مالكيها إليها وجعلهم أربابا لها.
(٨) سورة الفجر الآيتان ٢٨ ـ ٢٩. ورواية حفص «فِي عِبادِي».
(٩) سورة يوسف الآية ٢٣.
(١٠) اللسان : العلم.
(١١) زيادة عن اللسان.
(*) بالقاموس : فالرَّبَّانِيّ.
(١٢) سورة آل عمران الآية ٧٩.
(١٣) اللسان : وبما.
(١٤) اللسان وبهامشه : قوله وكنت امرأ الخ كذا أنشده الجوهري وتبعه المؤلف وقال الصاغاني : والرواية وأنت امرؤ يخاطب الشاعر الحارث بن جبلة ، ثم قال والرواية المشهورة : أمانتي بدل ربابتي».