دارِ النَّدْوَةِ (١) : «فاعْتَرَضَهم إِبْلِيسُ في صورَةِ شَيْخٍ جَليلٍ عليه بَتُّ» وفي حديث عليّ ، رضياللهعنه : «أنّ طائفةً جاءَت إِليه فقال لِقَنْبَرٍ : بَتِّتْهُمْ» ، أَي : أَعْطِهِمُ البُتُوتَ. وفي حديث الحسن : «ولَبِسُوا البُتُوتَ والنَّمِراتِ».
وبائِعه ، وزادَ في الصّحاح : والّذي يَعْمَلُه : بَتِّيٌّ ، وَبَتّاتٌ مِثْلُه ، ومنه عُثْمَانُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ جُرْمُوزٍ البَتِّيُّ مولى بَنِي زُهْرَةَ ، من أَهل الكُوفَة ، وانتقل إِلى البَصْرة كان يَبيع البُتُوت (٢). رأَى أَنَساً ، ورَوَى عن صالحِ بْنِ أَبي مَرْيَمَ والحَسَنِ وعنه شُعْبةُ والثَّوْرِيُّ. وقال الدّارقُطْنِيُّ : هو عُثْمَانُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ هُرْمُزَ (٣). وأَحدُ القَولَيْنِ تصحيفٌ. والبَتُّ : فَرَسان. والبَتُّ : ة كالمدينة بالعِرَاقِ قُرْبَ راذَانَ (٤) ، وكان أَهلُهَا قد تظلَّمُوا قديماً إِلى الوزير محمّد بنِ عبد الملك بن الزَّيّات من آفةٍ لَحِقَتْهُم فوَلَّى عليهم رَجُلاً ضَعِيفَ البَصرِ ، فقال شاعرٌ منهم :
أَتَيْتَ أَمْراً يا أَبا جَعْفَرٍ |
|
لَمْ يَأْتِهِ بَرٌّ ولا فاجِرُ |
أَغَثْتَ أَهْلَ البَتِّ إِذْ أَهْلِكُوا |
|
بناظِرٍ ليس له ناظِرُ |
ومنها أَبو الحسن أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الكاتبُ البَتِّيُّ ، أَديبٌ كَيِّسٌ ، له نَوَادرُ حَسَنةٌ ، مات سنة ٤٠٥ (٥) ، وكان كتب للقادِرِ باللهِ مُدَّةً. كذا في المُعْجَم. وعُثْمَانُ الفَقِيهُ البَصْريُّ ، رَوَى الحديثَ ، فسَمِعَهُ منه أَبو القاسم التَّنُّوخِيُّ وغيرُه (٦). وقال الذَّهَبِيُّ : هو فقيهُ البصرة ، زمنَ أَبي حَنيفةَ. قلتُ : وهو بعَينِه الّذِي تَقدَّم ذِكرُهُ ، وقد اضطرب هُنا كلامُ أَئمّة الأنساب وكلامُ صاحبِ المُعجمِ ، فَلْيُنْظَر : والبَتُّ : ة أُخْرَى ، بَيْنَ بَعْقُوبا بالباءِ الموحَّدة في أَوّله ، وفي نسخة : بالمُثنّاة التَّحْتِيّة ، وبُوهِرْز (٧) ، بكسر الهاء وسكون الرّاءِ وآخره زاي ، وهي قرية كبيرة.
وَبتَّةُ ، بالهاء : ة بِبَلَنْسِيَةَ ، بفتح المُوَحَّدة واللّام وسكونِ النُّون ، وهي من مُدُن الغَرْب ، مِنْهَا أَبو جَعْفَرٍ أَحمدُ بْنُ عبد الوَلِيِّ بْنِ أَحمدَ بْنِ عبد الوَلِيّ ، الكاتبُ الشّاعرُ الأَدِيبُ ، ومن شعره :
غَصَبْت الثُّرَيّا في البِعَادِ مَكَانَها |
|
وأَوْدَعْت في عَيْنَيَّ صادِقَ نَوْئِها |
وفي كُلِّ حالٍ لم تُضِىءْ لي بحِيلَةٍ |
|
فكَيْفَ أَعَرْت الشَّمْسَ حُلَّةَ ضَوْئِها |
أَحرقه النّسطورُ بها سنةَ ثَمَان وثمانِينَ وأَرْبَعِمِائَة.
والبَتُّ : القَطْعُ المستأْصِلُ ، يقال : بَتَتُّ فانْبتَت (٨). وفي المحكم : بَتَّ الشَّيءَ ، يَبُتُّ بالضَّمّ ، ويَبِتُّ بالكسر ، الأوّل على القِيَاس ؛ لأنّه المعروف في مضارع فَعَل المفتوحِ المتعدِّي ، والثّاني على الشُّذُوذ ، بَتًّا ، كالإِبْتَاتِ : قَطعَه قَطْعاً مُستأْصلاً ؛ قال :
فَبَتَّ حِبَالَ الوَصْلِ بَيْنِي وَبَيْنَهَا |
|
أَزَبُّ ظُهُورِ السّاعِدَيْنِ عَذَوَّرُ |
وفي الصّحاح : يَبُتُّه ، ويَبِتُّه ، وهذا شاذٌ ؛ لأنَّ باب المُضَاعَف إِذا كان يَفْعِلُ منه مكسورا ، لا يجيءُ متعدِّياً ، إلّا أَحرُفٌ معدودةٌ ، وهي : بَتَّه يَبُتَّه ويَبِتُّه ، وعَلَّه في الشُّرْب يَعُلُّه ويَعِلُّه ، ونَمَّ الحديثَ يَنُمُّه ، وَيَنِمُّه ، وشَدَّه يَشُدُّه وَيَشِدُّه ، وحَبَّه يَحِبُّه (٩) وهذِهِ وَحْدَها على لُغَةٍ واحِدةٍ ، وإِنّما
__________________
(١) عبارة النهاية : في حديث دار الندوة وتشاورهم في أَمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم :
(٢) في اللباب لابن الاثير «البتي» هذه النسبة إِلى البت وهو موضع ، قال : أظنه بنواحي البصرة ، منه عثمان البتي ، وأبو الحسن أحمد بن علي الكاتب ، الذي سيرد قريبا.
(٣) في تهذيب التهذيب في ترجمتين منفصلتين : عثمان بن مسلم بن هرمز وعثمان بن مسلم بن جرموز البتي أبو عمرو البصري ، ونسبه إلى بيع البتوت.
(٤) كذا في القاموس ، وفي الأصل «زاذان» وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله زاذان كذا بخطه وفي المتن المطبوع راذان ، وقد ذكر المجد أن راذان كورتان بالعراق».
(٥) ومثله في اللباب.
(٦) كذا بالأصل ، وفي اللباب وخلال روايته عن أبي الحسن الكاتب قال : روى الحديث فسمع منه أبو القاسم التنوخي وغيره. ولم يرد في تهذيب التهذيب في ترجمة عثمان البتي (أبو عمرو البصري) فيمن روى عنه اسم أبي القاسم التنوخي. فالعبارة هنا مضطربة وهذا ما أشير إليه قريبا.
(٧) في الأصل «أبو هرز» وما أثبت عن القاموس. وأشار إلى ذلك بهامش المطبوعة المصرية.
(٨) عبارة اللسان : بتتُّ الحبلَ فانبتَّ. (٩) في الأصل : «وحبه يحبه ويحبه» وما أثبتناه يوافق سياق الصحاح والنقل عنه.