القَوْم فيرُدُّهم ويقول : أَنا أَبو شَدَّاد. فإِذا كَرُّوا عليه رَدَّهم وقال : أَنا أَبو رَدَّاد.
والشَّدُّ بالفتح : الحُضْر ، والعَدْوُ ، والفِعْل اشْتَدَّ ، أَي عَدَا ، قال ابنُ رُمَيْض العَنْبَرِي :
هذا أَوَانُ الشَّدِّ فاشْتَدِّي زِيَمْ (١)
وزِيَمُ : اسمُ فَرَسِه. وفي حديث القِيامة : «كحُضْرِ الفَرَسِ ثم كَشَدِّ الرَّجُلِ الشَّدِيدِ العَدْوِ» ، ومنهحديث السَّعْيِ : «لا يَقْطَعُ الوادِيَ إِلَّا شَداًّ» أَي عَدْواً ، وفي حديث أُحُدٍ : «حتّى رأَيتُ النّسَاءَ يَشْتَدِدنَ في الجَبلِ» أَي يَعْدُون.
وشدَّ في العَدْوِ شَداًّ واشْتَدَّ : أَسرع وعَدَا ، وقال عَمْرٌو ذو الكَلْب :
فَقُمْتُ لا يَشْتَدُّ شَدِّي ذو قَدَمْ
جاءَ بالمصْدر على غير الفِعل ، ومثْله كثير.
والشَّدُّ في النّارِ : ارتفاعُها ، هكذا في النُّسخ التي بأيدينا ، وهو غلطٌ ، والصواب على ما في الأُمَّهَات : والشَّدُّ في النَّهار (٢) : ارْتفاعُه ، وشَدَّ النهارُ : ارتفَعَ ، وكذلك شَدَّ الضُّحَى ، يقال جِئْتُك شدَّ النَّهَارِ ، وفي شَدِّ النَّهَارِ ، وشَدَّ الضُّحَى وفي شَدِّ الضُّحَى. ويقال : لَقِيتُه شَدَّ النَّهَارِ ، وهو حين يَرتفع ، وكذلك امْتَدَّ ، وأَتانا مَدَّ النَّهَارِ ، أَي قبْلَ الزَّوالِ حين مَضَى من النَّهَار خَمْسَةٌ. وفي حديث عِتْبَان بنِ مالكٍ : «فغَدَا عَلَيَّ رسولُ الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعْدَ ما اشْتَدَّ النَّهَارُ» أَي علا وارتفعت شَمسُه ، ومنه قول كعب :
شَدَّ النَّهَارِ ذِرَاعَيْ عَيْطلٍ نصَفٍ |
|
قامَتْ فَجاوبَها نُكْدٌ مَثاكِيلُ |
أَي وَقْتَ ارتِفاعِهِ وعُلُوِّه.
والشَّدُّ : التَّقْوِيَةُ تقول : شَدَّ اللهُ مُلْكَه ، وشدَّدَه ، أَي قَوَّاه. وقوله تعالى (وَشَدَدْنا مُلْكَهُ) (٣) أَي قَوَّيناه ، وشَدَّ على يَدِه : قَوَّاه وأَعانه ، قال :
فإِنّي بِحَمْدِ اللهِ لا سَمَّ حَيَّةٍ |
|
سَقَتْنِي ولا شَدَّتْ على كَفِّ ذابِحِ |
وشَدَّ عَضُدَه : قَوَّاه ، واشتَدَّ الشّيْءُ ، من الشِّدَّة.
والشَّدُّ : الإِيثاقُ وشَدَّهُ : أَوْثَقَه. يَشُدُّه وَيشِدُّه أَيضاً ، وهو من النوادر ؛ قَال الفرّاءُ : ما كان من المُضَاعَف على فَعَلْتُ غيرَ واقِعٍ فإِن يَفْعِلُ منهُ مكسورُ العَيْنِ ، مثل : عَفّ يَعِفُّ وخَفَّ يَخِفُّ ، وما أَشبَهَه. وما كان واقِعاً مثل : مَدَدْتُ فإِن يَفْعُلُ منه مضمومٌ إِلّا ثلاثةَ أَحْرُفٍ (٤) : شَدَّه يَشُدُّه ويَشِدُّه ، وعَلَّه يَعُلُّه ويَعِلُّه ، من العَلَلِ (٥) ، ونَمَّ الحديثَ يَنُمُّه. فإِن جاءَ مثْلُ هذا مِمَّا لم نَسمعْه ، فهو قليلٌ ، وأَصلُه الضّمّ.
قال : وقد جاءَ حرفٌ واحِد بالكسر ، من غير أَن يَشرَكه الضمّ ، وهو حَبَّه يَحِبُّه. وقال غيره : شَدَّ (٦) فُلانٌ في حُضْرِه.
وقد حقَّقْنا ذلك في مؤلّفاتنا التصريفيّة. قال الله تعالى : (فَشُدُّوا الْوَثاقَ) (٧) : وقال تعالى : (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي) (٨) واشْتَدَّ الرَّجلُ : عَدَا ، كشَدَّ. وقد تقدّم.
والمُشادَّةُ في الشيْءِ : التَّشَدُّدُ فيه والمغالبة ، ومنه الحديث «: لن يُشَادَّ الدِّينَ أَحدٌ إِلّا غَلَبَهُ» أَراد غَلَبَهَ الدِّينُ ، أَي مَنْ يقاوِمُه ويُقاوِيه ويُكَلِّف نفْسَه من العِبَادة فوق طاقته.
وشادَّه مُشادَّة وشِدَاداً : غالَبَه ، وهو مِثْل الحديث الآخَرِ : «إِنَّ هذا الدِّينَ مَتِينٌ فأَوْغِلْ فيه بِرِفْقٍ».
والمُتَشَدِّدُ : البَخِيلُ ، كالشَّدِيدِ ، قال طَرفَةُ :
أَرَى المَوْتَ يَعتامُ الكِرَامَ ويَصْطَفِي |
|
عَقِيلَةَ مالِ الفَاحِشِ المُتَشَدِّدِ |
والأَشُدَّ مَبْلَغُ الرَّجُلِ الحُنْكَةَ والمَعرِفةَ ، قال الله تعالى : (حَتّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ) (٩) وقال الأَزهريّ : الأَشُدُّ في كتابِ الله تعالى على ثلاثةِ معانٍ يَقرب اختلافُهَا : فأَمّا قوله في قصّة يوسُفَ عليهالسلام (وَلَمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ) (١٠) فمعناه الإِدراكُ والبُلُوغُ ، وحينئذٍ راودَتْه امرأَةُ العزيزِ عن نفْسه.
وكذلك قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) حَتّى يَبْلُغَ (أَشُدَّهُ) (١١) بفتْح فضَمّ ، ويُضَمُّ أَوَّلُهُ وهي
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله رميض ، قال في اللسان : ويقال : رميص بالصاد المهملة وهو مضبوط فيه شكلاً بصيغة التصغير».
(٢) اللسان : وشدُّ النهارِ بحذف «في».
(٣) سورة ص الآية ٢٠.
(٤) زيد في الصحاح : جاءت نادرة.
(٥) العَلَل : الشرب الثاني.
(٦) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : اشتد.
(٧) سورة محمد الآية ٤.
(٨) سورة طه الآية ٣١.
(٩) سورة الأحقاف الآية ١٥.
(١٠) سورة يوسف الآية ٣٣.
(١١) سورة الانعام الآية ١٥.