وقوله تعالى ، (وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ) (١) أَي اطْبَع على قلوبهم.
والشِّدَّةُ : المَجَاعَةُ. والشَّدَائِدُ الهَزاهِزُ. والشِّدَّة : صُعوبَةُ الزَّمنِ ، وقد اشْتَدَّ عليهم. والشِّدَّة والشَّدِيدَة (٢) : من مكارِهِ الدَّهْر ، وجمعها شدائِدُ ، فإِذا كان جمْع شديدة فهو على القياس ، وإِذا كان جمْع شِدَّة ، فهو نادر.
وشِدَّةُ العَيْش : شَظَفُه.
وفي المثل : «رُبَّ شَدٍّ في الكُرْز» وذلك أَن رَجلاً خَرجَ يَرْكُضُ فَرَساً له ، فَرَمَت بِسَخْلَتِها ، فأَلْقَاهَا في كُرْزٍ بين يَدَيْهِ ، وهو الجُوَالِق ، فقال له إِنسان : لِمَ تَحْمِلُه؟ ما تَصنَع به؟ فقال : «رُبَّ شَدٍّ في الكُرْزِ» يقول هو سَرِيعُ الشَّدِّ كَأُمِّه ، يُضرَب للرجلِ يُحْتقَر عندك ، وله خَبَرٌ قد علِمْتَه أَنت.
قال سيبويْه : وقالوا : أَشَدَّ (٣) ما أَنَّك ذاهِبٌ ، كقولِك : حَقًّا أَنَّك ذاهِبٌ ، قال. وإِن شِئت جَعلْت شَدَّ بمنزلةِ نعْمَ ، كما تقول. نِعْمَ العَمَلُ أَنَّك تَقولُ الحَقَّ. وقال أَبو زيد : خِفْت شُدَّى فُلانٍ ، أَي شِدَّتَه ، وأَنشد.
فإِنّي لا أَلِينُ لِقَوْلِ شُدَّى |
|
ولو كانتْ أَشَدَّ من الحَدِيدِ |
والأَشَدُّ : لَقَبُ عَمرو بن أُهْبَان بن دِثَار بن فَقْعَصٍ الأَسديّ ، جاهليّ.
وفي حديث قِيام شهرِ رمضانَ : «أَحيا (٤) اللَّيْلَ وشَدَّ الْمِئْزَرَ» ، هو كِنايةٌ عن اجتنابِ النِّساءِ ، أَو عن الجِدّ والاجتهادِ في العَمَل ، أَو عنهما معاً. وتَشدَّدت القَيْنَة ، إِذا جَهَدَتْ نَفْسَها عندْ رفْعِ الصَّوْتِ بالغِنَاءِ ، ومنه قول طرفة :
إِذا نَحْنُ قُلْنَا أَسْمِعِينَا انْبَرتْ لَنا |
|
عَلَى رِسْلِهَا مَطْروقَةً لم تَشَدَّدِ |
وبنو شَدَّادِ وبنو الأَشدِّ : بَطْنانِ.
والأَشِدَّاءُ : بَطْنٌ من آلِ عليّ بن أَبي طالبٍ.
* ومما يُستدرك عليه :
[شجرد] : شاجِرْدَى. وقد جاءَ في شعر الأَعشى :
وما كنتُ شاجِرْدَى ولكِنْ حَسِبْتُني (٥) |
|
إِذا مِسْحَلٌ سَدَّى ليَ القَوْلَ أَنْطِقُ |
شَرِيكَانِ فيمَا بَينَنا من هَوَادَةٍ |
|
صَبِيَّانِ جِنِّيٌّ وإِنْسٌ مُوَفَّقُ |
قال البكريُّ : ورواه أَبو عبيدة : شاقِرْدَى ، وهو المتعلِّم.
ومِسْحَلٌ : شيطانُه وحَسِبْتُنِي هنا بمعنى اليقين ، أَورده شيخُنا هكذا. واستدركه في آخِرِ المادة.
قلت : وهو معرَّب عن شاكِرْد ، بكسر الكاف ، بالفارسية ، وهو المتعلِّم.
[شرد] : شَرَدَ البعيرُ والدّابَّةُ يَشردُ شَرْداً ، وشُروداً ، كقُعُود ، وشُرَاداً ، كغُرَاب ، وشِرَاداً ، بالكسر : نَفَرَ ، فهو شارِدٌ وشَرُودٌ ، كصَبُورٍ ، في المذكَّر والمؤَنَّث ج شَرَدٌ وشُرُدٌ ، كخَدَمٍ وَزُبُر ، في خادِمٍ وزَبُور ، قال :
ولا أُطِيقُ البَكَرَاتِ الشَّرَادَ
قال ابن سيده : هكذا رواه ابنُ جِنِّي : «شَرَدا» ، على مثال عَجَلٍ وكُتُبٍ ، استَعْصَى وذَهَب على وَجْهه.
وفي الصّحاح : وجمع الشَّرُود : شُرُدٌ ، مثْلَ زَبُور وزُبُر.
وأَنشد أَبو عُبَيْدةَ لعبدِ مَناف بن رِبْع الهُذَلِيّ :
حَتّى إِذا أَسْلكُوهُمْ في قُتَائِدَةٍ |
|
شَلٌّا كما تَطْرُدُ الجَمَّالَةُ الشُّرُدَا |
ويُروَى : الشَّرَدا.
وفَرسٌ شَرُودٌ ، وهو المستعصِي على صاحِبه.
وفي الحديث : «لتَدْخُلُنَّ الجَنَّةَ أَجمَعُون أَكْتَعُونَ إِلَّا مَن شَرَدَ عَلَى الله» أَي خَرجَ عن طاعته ، وفارقَ الجَماعَةَ.
وشَرَدَ الرَّجلُ شُرُوداً : ذَهَبَ مَطْروداً ، والتَّشْرِيدُ : الطَّرْدُ ، والتَّفْرِيقُ ، وقوله عزوجل (فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ) (٦) أَي فَرِّق وبَدِّد جَمْعَهم. وقال الفرَّاءُ : نَكِّل بهم مَنْ خَلْفَهم مِمَّن تَخَافُ نَقْضَه للعَهْدِ ، (لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) فلا يَنْقُضون العَهْدَ.
__________________
(١) سورة يونس الآية ٨٨.
(٢) عن اللسان وبالأصل «والشديد».
(٣) في اللسان : شَدّ.
(٤) عن النهاية وبالأصل : إحياء.
(٥) عن الديوان ، وبالأصل «حسبتي».
(٦) سورة الأنفال الآية ٥٧.