والشاهِدُ : المَلَكُ ، قال مُجاهد : (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) (١) ، أَي حافِظٌ مَلَكٌ ، قال الأَعشَى :
فلا تَحْسَبَنِّي كافراً لكَ نِعْمَةً |
|
عَلَى شاهِدِي يا شاهِدَ اللهِ فاشْهَدِ |
وقال الفرّاءُ : الشّاهِدُ : يَوْمُ الجُمْعَةِ ، ورَوَى شَمِرٌ ، في حديث أَبي أَيُّوبَ الأَنصاريّ : «أَنّه ذَكَرَ صَلَاةَ العَصْرِ ثم قال : ولا صَلاةَ بَعْدَها حَتَّى يُرَى الشَّاهِدُ. قال : قلنا لأَبي أَيُّوبَ : ما الشَّاهِدُ؟ قال : النَّجْمُ كأَنَّه يَشْهَدُ في الليلِ ، أَي يَحْضُر ويَظْهَرُ.
والشَّاهِد : ما يَشْهَد على جَوْدَةِ الفَرَسِ وسَبْقِه مِن جَرْيِهِ ، فسّره ابنُ الأَعرابيّ ، وأَنشد لسُوَيْدِ بنِ كُرَاعَ في صِفَةِ ثَوْر :
ولو شَاءَ نَجَّاهُ فلم يَلْتَبِسْ بِهِ |
|
له غائِبٌ لم يَبْتَذِلْهُ وشاهِدُ |
وقال غيره : شاهِدُه : بَذْلُه جَرْيَه ، وغائِبُه : مَصُونُ جَرْيِهِ.
والشَّاهِدُ شِبْهُ مُخَاطٍ يَخْرُج مع الوَلَدِ ، وجمْعُه شُهُودٌ ، قال حُمَيْد بن ثَوْرٍ الهِلالِيّ :
فجاءَتْ بِمِثْلِ السَّابِرِيِّ تَعَجَّبُوا |
|
له والثَّرَى ما جَفَّ عَنْهُ شُهُودُهَا |
قال ابن سِيده : الشُّهُود : الأَغراسُ الّتِي تكون على رأْسِ الحُوَار (٢).
والشَّاهِد من الأُمورِ : السَّرِيعُ.
وصَلاةُ الشاهِدِ : صَلَاةُ المَغْرِبِ ، قال شَمِرٌ : هو راجِعٌ إِلى ما فَسَّرَه أَبو أَيُّوبَ أَنَّهُ النَّجْمُ. قال غَيره : وتُسَمَّى هذه الصّلاةُ صَلَاةَ البَصَرِ ، لأَنّه يُبْصَرُ في وَقْته نُجومُ السماءِ ، فالبَصَرُ يُدْرِكُ رُؤيَة النَّجْمِ ، ولذلك قيلَ له (٣) : صلاةُ البَصَرِ ، وقيل في صلاة الشّاهد : إِنّها صلاةُ الفَجْرِ ، لأَن المُسَافِرَ يُصَلِّيها كالشَّاهِدِ لَا يَقْصُرُ منها ، قال :
فَصَبَّحَتْ قَبْلَ أَذانِ الأَوَّلِ |
|
تَيْمَاءَ والصُّبْحُ كَسَيْفِ الصَّيْقَلِ |
قَبْلَ صَلَاةِ الشَّاهِدِ المُسْتَعْجِلِ
ورُوِيَ عن أَبي سَعِيد الضَّرِيرِ أَنه قال : صَلَاةُ المَغْربِ تُسمَّى شاهداً ، لاسْتِوَاءِ المُقِيمِ والمُسَافِرِ فيها ، وأَنّهَا لا تُقْصَر. قال أَبو منصور : والقَوْلُ الأَوّلُ (٤) ، لأَنَّ صلَاةَ الفَجْر لا تُقْصَرُ أَيضاً ، ويَسْتَوِي فيها الحاضِرُ والمسافِرُ ، فلم تُسَمَّ شاهِداً.
والمَشْهُود (٥) : يَوْمُ الجُمُعَة ، أَو يومُ القِيَامَةِ ، أَو يَوْمُ عَرَفَةَ ، الأَخير قاله الفرّاءُ ، لأَنّ الناسَ يَشْهَدُون كُلَّا منها ، ويَحضُرون بها ، ويجمَعُون فيها (٦). وقال بعضُ المفسِّرين : الشاهد : يَوْمُ الجُمُعةِ ، والمشهود : يَوْمُ القيامةِ. والشَّهْدُ : العَسَلُ ما دام لم يُعْصَر من شَمَعِه ، بالفتح لتميم ، ويُضَمُّ لأَهْل العالِيَة ، كما في المصباح ، واحدته شَهْدة وشُهْدة.
وقيل : الشُّهْدة أَخَصُّ ، ج : شِهَادٌ ، بالكسر ، قال أُمَيَّةُ [بن أَبي الصلت].
إِلى رُدُحٍ من الشِّيزَى مِلَاءٍ |
|
لُبَابَ البُرِّ يُلْبَكُ بالشِّهَادِ |
أَي من لُبابِ البُرّ (٧).
والشَّهْد : ماءٌ لبني المُصْطَلِقِ من خُزَاعَةَ ، نقله الصاغانيّ.
وفي التنزيل العزيز شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ (٨) سَأَلَ المُنْذِرِيّ أَحمدَ بنَ يحيى عن معناه فقال : أَي عَلِمَ الله ، وكذا كلُّ ما كانَ (شَهِدَ اللهُ) ، في الكتاب أَو قالَ اللهُ يكون معناه عَلِمَ الله ، أو كَتَبَ الله ، قاله ابن الأعرابيّ. وقال ابن الأَنباريّ : معناه بَيَّن الله أَن لا إِله إِلّا هُوَ.
وقال أَبو عبيدة : معنى (شَهِدَ اللهُ) : قَضَى الله ، وحقيقَتُه : عَلِمَ الله ، وبَيَّنَ الله ، لأَنَّ الشاهِدَ هو العالِمُ الّذِي يُبَيِّنُ ما
__________________
(١) سورة هود الآية ١٧.
(٢) كذا ، وقول ابن سيده كما نقله صاحب اللسان : والشُّهوُد ما يخرج على رأس الولد : واحدها شاهد.
(٣) كذا في اللسان وبهامشه : «قوله قيل له : أي المذكور صلاة الخ فالتذكير صحيح».
(٤) يعني قول شمر ، وهو ما ورد في التهذيب.
(٥) يعني في قوله تعالى : (وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ).
(٦) عبارة اللسان : «لأن الناس يشهدونه ويحضرونه ويجتمعون فيه».
(٧) وقيل الشَّهد والشُّهد والشَّهدة والشُّهدة العسل ما كان.
(٨) سورة آل عمران الآية ١٨.