لمعروفُ في اللُّغَة. قال : وَيَتَّجِه عندي قَوْلُ الكِسَائيِّ على مَذْهَبِ مَن يَرى أَنَّ قولَهُم : مُشَيَّدة : مُجَصَّصة بالشِّيد ، فيكون مُشَيَّدٌ ومَشِيدٌ بمعنى ، إِلَّا أَنَّ مَشِيداً لا تَدخلُه الهاءُ للجماعةِ فيقالَ (١) قُصُورُ مَشِيدةٌ ، وإِنَّمَا يقالُ : قُصورٌ مُشَيَّدَةٌ ، فيكون من باب ما يُسْتَغْنَى فيه عن اللفظة بغيرِها ، كاستغنائِهم بتَرَك عن وَدَعَ ، وكاستغنائهم عن واحِدةِ المَخَاضِ بقولهم : خَلِفَة ، فعلَى هذا يَتَّجِهُ قولُ الكسائيّ.
وقال الفرّاءُ : يشدَّد ما كان في جَمْعٍ ، مثل قولك : مررت بثياب مُصَبَّغة ، وكِباش مُذَبَّحةٍ ، فجاز التشديد ، لأَن الفعل مُتَفَرِّقٌ في جَمْعٍ ، فإِذا أَفْردتَ الواحِدَ من ذلِك ، فإِن كان الفعلُ يَتردَّد في الواحِدِ ويكثُر ، جاز فيه التشديدُ والتخفيفُ ، مثل قولك : مررت برجلٍ مشَجَّجٍ (٢) ، وبثَوبٍ مُخَرَّقٍ ، وجاز التشديدُ ، لأَن الفعلَ قد تَردَّد فيه وكَثُرَ ، ويقال : مَررْت بكبْش مَذْبُوحٍ ، ولا تقل : مُذَبَّح. فإِن الذَّبْح لا يَتردَّدُ كتَرَدُّد التَّخَرُّقِ. وقوله : وقَصْر مَشِيد يجوز فيه التشديدُ ، لأَن التَّشْيِيد بِنَاءٌ ، والبِنَاءُ يَتطاوَلُ ويَتَرَدَّدُ. ويُقَاسُ على هذا ما ورد. كذا في اللِّسَان.
ومن المَجَاز : الإِشادةُ : رَفْعُ الصَّوتِ (٣) بما يَكْرَهُ صاحِبُه ، وهو شِبْه التَّنْديد ؛ كما قالَهُ اللَّيْثُ. ويقال : أَشادَ بذِكْرِه ، في الخَيْر والشّرّ ، والمدْح والذَّمّ ، إِذا شَهَّره ورَفَعَه.
وأَفردَ به الجوهريُّ الخَيْرَ فقال : أَشادَ بِذِكْرِه ، أَي رَفَعَ من قَدْرِه. وفي الحديث : «مَن أَشَادَ على مُسْلِمٍ عَوْرَةً يَشِينُه بها بغَيْرِ حَقٍّ شانَهُ الله يومَ القِيَامَة». ويقال : أَشادَه وأَشَادَ بِه ، إِذا أَشاعَه ورَفَع ذكْرَه ، من أَشَدْتُ البُنْيَانَ فهو مُشَادٌ ، وشَيَّدْته ، إِذا طَوَّلْته ، فاستُعِير لرفْع صَوتِكَ بما يَكْرَهُه صاحِبُك.
ومن المجاز أَيضاً : الإِشادة : تَعْرِيفُ الضَّالَّةِ ، يقال : أَشادَ بالضَّالَّةِ : عَرَّفَ (٤). وأَشَدْتُ بها عَرَّفْتُهَا ، وأَشَدت بالشَّيءِ : عَرَّفْتُه. وقال الأَصمعيُّ ، كُلُّ شيْءٍ رَفَعْتَ به صَوْتَك ، فقد أَشَدْتَ به ، ضالَّةً كانت أَو غير ذلك.
والإِشادة الإِهلاكُ ، وهو مَجاز مستعارٌ من التَّنْدِيدِ ، على المُبَالغة.
والشِّيادُ ، بالكسر الدُّعاءُ بالإِبلِ ، وهو رَفْعُ الصَّوْت بهِ ، مأْخوذٌ من كلام الأَصمعيّ.
والشِّيَادُ : دَلْكُ الطِّيبِ بالجِلْدِ ، كالتَّشَيُّد ، وفي بعض النُّسخ : كالتَّشْيِيد (٥).
وشَادَ الرَّجلُ يَشِيد شَيْداً ، إِذا هَلَكَ ، نقلَه الصَّاغَانيّ.
فصل الصاد
المهملة مع الدال
[صخد] : صَخَدَتْه الشَّمْسُ ، كنَفَع ، تَصْخَدُه صَخْداً : أَصابَتْه وأَحرقَتْه ، أَو حَمِيَتْ عليه. والصَّخْد : صَوْتُ الهَامِ والصُّرَدِ ، وقد صَخَدَ الهامُ والصُّرَدُ يَصْخَد صَخْداً وصَخيداً : صَوَّتَ وصاحَ. وهامٌ صَواخِدُ ، وأَنشد :
وصاحَ مِنَ الإِفراطِ هَامٌ صَواخِدُ (٦)
وصَخَدَ فُلانٌ إِليه يَصْخَدُ صُخُوداً كقُعودٍ : استَمَعَ منه ، ومال إِليه ، فهو صاخِدٌ ، قال الهُذَليُّ :
هَلَّا عَلِمْتَ أَبا إِياسٍ مَشْهَدِي |
|
أَيَّامَ أَنتَ إِلى المَوالِي تَصْخَدُ |
وصَخِدَ النَّهَارُ ، كفَرِحَ ، صَخَداً ، فهو صاخِدٌ : اشتَدَّ حَرُّهُ ، وحَرٌّ صاخِدٌ : شَدِيدٌ. وكذلك صَخَدَ يومُنا يَصْخَد صَخَدَاناً. ويومٌ صَيْخُودٌ ، على فَيْعُول ، وصَيْخَدٌ ، وصَخْدَانٌ ، بفتح فسكون ويُحَرَّك ، عن ثَعْلب (٧) : شدِيدُ الحَرِّ ، ولَيْلة صَخْدَانَةٌ. ويقال : أَتيتُه في صَخَدَانِ الحَرِّ ، أَي في شِدَّتِه.
والصاخِدةُ : الهاجِرَةُ ، وهاجرةٌ صَيْخُودٌ.
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله فيقال : هكذا عبارة اللسان ، والصواب فلا يقال كما هو واضح».
(٢) عن التهذيب ، وبالأصل : مشجمج.
(٣) في القاموس : الإشادة رفع الصوت بالسيء» وفي نسخة ثانية منه بالشيء بدل بالسيء. وما أورده الشارح يوافق سياق التهذيب وفيه : بما يكره صاحبك.
(٤) في الأساس : عرّفها.
(٥) وهي التي وردت في القاموس المطبوع.
(٦) في اللسان (فرط) ورد البيت منسوباً لابن براقة وتمامه :
إذا الليل أدجى واكفهرت نجومه |
|
وصاح من الأفراط هام صواخدُ |
ونسب ابن بري هذا البيت للأجدع الهمداني.
(٧) قوله عن ثعلب يعني «صَخْدان» كما في اللسان.