فَدَيْرُ سُوَى فَسَاتِيدَا فَبُصْرَى |
|
فَحُلْوانُ المَخَافَةِ فالجِبَالُ |
: اسمُ جَبَل بَيْنَ مَيَّافارِقِينَ وسعرت ، قاله أَبو عُبَيْد.
وأَصله : ساتِيدَ ما وإنما حَذَف الشاعرُ مِيمَه ، فينبغي أَن يُذكَرَ هُنا ويُنَبَّهَ على أَصْلِهِ.
وفي المراصِدِ : قيل هو جَبَلٌ بالهِند ، وقيل هو الجبل المُحِيطُ بالأَرضِ ، وقيل نَهْرٌ بقُرب أَرْزن ، وهذا هو الصحيح.
وقولهم : إِنه جَبَلٌ بالهند غَلطٌ. وقيل : إِنَّه وادٍ يَنصبُّ إِلى نَهرٍ بينَ آمِدَ ومَيَّافارِقِينَ ، ثم يَصُبّ في دِجْلَةَ. قال شيخُنا : وكلامهم صريحٌ في أنه أَعجَمِيُّ اللّفْظِ والمكانِ ، فلا تُعْرَفُ مادَّته ولا وَزْنُه. والشعراءُ يَتلاعبون بالكلامِ ، على مقتضَى قرائِحِهِم وتَصرُّفاتهم ، ويَحذفون بحسَب ما يَعْرِض لهم من الضَّرائِر ، كما عُرِفَ ذلك في مَحلّه ، فلا يكون في كلامهم شاهدٌ على إِثبات شيْءٍ من الكلمات العَجَمِيّة.
وقوله : ينبغي أَن يذكر هنا إِلى آخره ، بناءً على أَن وزنَه فاعيلَ ما ، وأَن مادّته : ستد. وليس الأَمر ، كذلك بل هذه المادّةُ مهملةٌ في كلامِهِم ، وهذه اللفْظَةُ عَجَمِيَّةٌ لا أَصلَ لهَا ، وذِكرُهَا إِن احتاج إِليها الأَمرُ ، لوُقوعِهَا في كلام العرب ، ينبغِي أَن يكونَ في الميم ، أَو في باب المعتَلّ ، لأَنّ وَزْنَهَا غيرُ معلوم لنا ، كأَصْلِهَا ، على ما هو المقرَّرُ المصرَّح به في كلام ابن السرَّاج وغيرِه من أَئِمَّةِ الاشتقاق ، وعلماءِ التصريف. انتهى. واللهُ أَعلم.
[سجد] : سَجَدَ : خَضَعَ ، ومنه سُجُودُ الصَّلاةِ ، وهو وَضْعُ الجَبْهةِ على الأرض ، ولا خُضُوعَ أَعظمُ منه ، والاسم : السَّجْدة ، بالكسر.
وسَجَدَ : انتَصَبَ في لُغَة طَيّىءٍ قال الأَزهريُّ : ولا يُحْفَظُ لغير الليث ، ضِدٌّ.
قال شيخنا : وقد يقال لا ضِدِّيَّة بين الخُضوع والانتصاب ، كما لا يَخْفَى. قال ابن سيده : سَجَدَ يَسجُد سُجُوداً : وَضَعَ جَبْهَتَه على (١) الأَرضِ ، وقَوْمٌ سُجَّدٌ وسُجُودٌ. وقال أَبو بكر : سَجَدَ ، إِذا انْحَنى وتَطَامَنَ إِلى الأَرضِ.
وأَسْجَدَ : طَاطَأَ رأْسَهُ [وانحنى] (٢) وكذلك البَعِيرُ ، وهو مَجاز. قال الأَسديُّ أَنشده أَبو عُبيدةَ (٣) :
وقُلْنَ له أَسْجِدْ لِلَيْلَى فأَسْجَدَا
يَعنِي بَعيرَها أَنه طاطأَ رأْسَه لِتَرْكَبه ، وقال حُمَيْد بن ثَوْر يَصف نساءً :
فلَمَّا لَوَيْنَ علَى مِعْصَمٍ |
|
وَكفٍّ خَضِيبٍ وإِسوارِها |
فُضُولَ أَزِمَّتِها أَسْجَدَتْ |
|
سُجُودَ النَّصارَى لأَحْبارِهَا |
يقول : لمّا ارْتَحَلْن ولَوِيْن فُضُولَ أَزِمَّةِ جِمالِهِنّ على مَعاصِمِهِنّ أَسْجَدَتْ لَهُنَّ. وسَجَدتْ ، إِذا خَفَضَتْ رأْسَها لتُرْكَبَ.
وفي الحديث : «كانَ كِسْرَى يَسْجُدُ للطَّالعِ» أَي يَتَطَامَنُ ويَنحِني. والطَّالِع : هو السَّهمُ الذي يُجَاوِزُ الهَذَف من أَعلاه ، وكانوا يَعُدُّونَه كالمُقَرْطِس ، والذي يقع عن يَمينه وشماله يقال له : عاصِدٌ. والمعنى : أَنه كان يُسْلِم لراميه ويَسْتَسْلِم. وقال الأَزهَرِيُّ : معناه أَنه كان يَخفِض رأْسه إِذا شخَص سَهْمُه وارتفعَ عن الرَّمِيَّة ، لِيَتَقوَّمَ السَّهمُ فيصيب الدَّارةَ.
ومن المجاز : أَسجَدَ : أَدامَ النَّظَرَ مع سُكون. وفي الصّحاح : زيادةُ في إِمراضِ ـ بالكسر ـ أَجْفَان (٤) ، والمرادُ به : النَّظَرُ الدَّالُّ على الإدلال ، قال كُثيِّر :
أَغرَّكِ مني أَنَّ دَلَّكِ عِندَنَا |
|
وإِسجادَ عينيكَ (٥) الصَّيُودَيْنِ رَابِحُ |
والمَسْجَد ، كمَسْكَن : الجَبْهَةُ حيث يُصِيب الرجلَ نَدَبُ السُّجودِ. وهو مَجاز ، والآرابُ السَّبعةُ مَساجِدُ قال الله تَعالى : (وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ) (٦) وقيل : هي مَوَاضِعُ السُّجودِ
__________________
(١) اللسان : بالأرض.
(٢) زيادة عن القاموس والتهذيب والصحاح.
(٣) اللسان : أبو عبيد.
(٤) في الصحاح : وإمراض الأجفان.
(٥) المطبوعة الكويتية : «عينك» خطأ.
(٦) سورة الجن الآية ١٨.