من هذه الفرق الإنتصار لرأيها وتوفير الغطاء الشرعى لموقفها من خلال الإستشهاد بسنة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فاز دادت لهذا حركة الوضع اتساعاً وعمقاً فمن أعوزه الدليل من كتاب الله وافتقر إلى الشاهد من كلام نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم لجأ إلى وضع الأحاديث وانتحالها يسد بها نقص مذهبه وضعف رأيه ولم يقتصر الأمر على وضع الأحاديث المكذوبة ونسبتها إلى صاحب الرسالة فى عهده (١) وبعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم اتجهت سياسة الخلفاء إلى المنع من رواية الحديث والتشديد على عدم تدوينه وقد كانت حجتهم فى هذا المنع هوالخشية من انصراف المسلمين عن القرآن الكريم وانشغالهم بالحديث وحده مما أوجد فترة من السبات والإنقطاع عن رواية الحديث وتناقله كانت هذه كافية لأن تختمر فيها بذور الوضع وتتهيأ الأرضية لعوامل الإنحراف عن الرواية وقد بقى هذا الوضع إلى زمن أميرالمؤمنين عليهالسلام حيث خالف وشده هذه السياسة الظالمة. شجع عليهالسلام المسلمين على كتابة الحديث وتدوينه وكان يستحلف كل من يروى حديثاً أنه سمعه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم غير أن هذا الأمر لم يدم طويلاً فما إن قتل أميرالمؤمنين عليهالسلام وانتقلت السلطة إلى بنى أمية قاشتدت حركة الوضع وبصورة منظمة للحديث النبوى إذ بادر (معاوية) إلى ضخ الأموال بلا حساب على الوضاعين والكذابين والرواة والمحدثين الذين كانوا يضعون ما يحلوله من الأحاديث والروايات التى يعتقد أنها تؤدي إلى تعزيز (الحق) الأموى فى السلطان من جهة وإخفاء فضائل أهل البيت واجتثاث الولاء من نفوس محبيهم
________________
١. قال أمير المؤمنين عليهالسلام إن فى أيدى الناس حقّاً وباطلاً وصدقاً وكذباً وناسخاً ومنسوخاً وعاماً وخاصاً ومحكماً ومتشابهاً وحفظاً ووهماً ولقد كذب على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على عهده حتى قام خطيباً فقال من كذب على متعمداً فليتبوا مقعده من النار نهج البلاغة ج ٢ ص ١٨٨ خطبة ٢١٠ فى أحاديث البدع.