من جهة أخرى ولسنا بحاجة إلى ذكر الأمثلة فى هذا الصدد فان تاريخ تلك الحقبة ملىء بأسماء الرواة الذين كانوا على استعداد لبيع حديثهم (بل ودينهم) مقابل ثمن بخس يحدده (الخليفة) نفسه تبعاً لأهمية الشخص ووضعه الاجتماعى من ناحية وأهمية المروى وحاجة الخليفة إليه من ناحية ثانية بل إنه تعدى هذا الحد لتشتد المصيبة وطاة فى إخفاء الأحاديث الصحيحة.
ذكر السيوطى فى اللئالى المصنوعة ثلاثين حديثاً من أشهر فضائل أبى بكر « مما اتخذه المؤلفون فى القرون الأخيرة من المتسالم عليه وأرسلوه إرسال المسلم بلا أى سند أو أى مبالاة » وزيفها وحكم فيها بالوضع وذكر رأى الحفاظ فيها.
كان السيوطى يهملج وراء القوم فبهظه أن لا يستصح حتى حديثاً واحداً من تلكم الثلاثين فقال فيما عزى إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم من قوله « عرج بى إلى السماء فمامررت بسماء إلا وجدت فيها مكتوباً محمد رسول الله أبوبكر الصديق من خلفى » بعد ما حكم عليه بالوضع ... ما لفظه قلت الذى أستخير الله فيه الحكم على هذا الحديث بالحسن لا بالوضع ولا بالضعف لكثرة شواهده ثم ذكر شواهد عن طرق لا يصح شىء منها وفى كل واحد منها وضاع أو كذب أو من أتفق على ضعفه أو مجهول لايعرف يروى عن مجهول مثله وقد عزب عنه أن الإستخارة لا تقلب خيراً ولا يعيد السقيم صحيحاً ولاالمنكر معروفاً.
وراحت إلى العطار تبغي شبابها
فهل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟
والله سبحانه لا يجازف فى إسداء الخير والشواهد المكذوبة لاتقوى الضعف مع نص الحفاظ على كل واحد منها بالوضع أو الضعف.