لغة عن كُراع : نَقِيضُ الخَيْرِ ، ومثله في الصّحاح ، وفي اللسان : الشَّرُّ : السُّوءُ. وزاد في المِصْباح : والفَسَادُ والظُّلْمُ ، ج شُرُورٌ ، بالضَّمّ ، ثمّ ذَكَر حديثَ الدُّعاء : «والخَيْرُ كُلُّه بِيَدَيْكَ ، والشَّرُّ ليسَ إِلَيْكَ» وأَنّه نَفَى عنه تعالى الظُّلْم والفَسَادَ ، لأَنّ أَفعالَه ، تعالى [صادِرَةٌ] (١) عن حِكْمَة بالِغَة ، والموجودات كُلُّها مِلْكُه ، فهو يَفْعَلُ في مِلْكِه ما يشاء ، فلا يُوجَد في فِعْلِه ظُلْمٌ ولا فَسَاد. انتهى. وفي النهاية : أَي أَنَّ الشَّرَّ لا يُتَقَرَّبُ بهِ إِليكَ ، ولا يُبْتَغَى به وَجْهُك ، أزو أَنّ الشَّرّ لا يَصْعَدُ إِليك ، وإِنّما يَصْعَدُ إِليك ، وإِنّما يَصعدُ إِليك الطَّيِّبُ من القَوْلِ والعمَل ، وهذا الكلامُ إِرشادٌ إِلى استعمالِ الأَدَبِ في الثَّنَاء على الله تعالى وتَقَدَّس ، وأَن تُضَافَ إِليه عزوجل محاسِنُ الأَشياءِ دون مساوِيها ، وليس المَقْصُودُ نَفْيَ شيْءٍ عن قُدْرَتِه وإِثْبَاتَه لها ، فإِنّ هذا في الدُّعاءِ مَنْدُوبٌ إِليه ، يقال : يا ربَّ السماءِ والأَرْضِ ، ولا يقال : يا ربَّ الكِلاب والخنَازِير ، وإِن كانَ هُوَ رَبَّها ، ومنه قولُه تعالى : (وَلِلّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) (٢).
وقد شَرَّ يَشُرُّ ، بالضَّمّ ، ويَشِرُّ بالكسر ـ قال شيخُنَا : هذا اصطِلاحٌ في الضَّمّ والكسرِ مع كونِ الماضِي مَفْتُوحاً ، وليس هذا مما ورَدَ بالوجْهيْن ، ففي تعبِيرِه نَظَرٌ ظاهِر ـ شَرّاً وشَرَارَةً ، بالفتح فيهما ، وقد شَررْتَ يا رَجُلُ ، مثَلَّثة الرّاءِ ، الكسر والفتح لغتان ، شَرّاً وشَرَراً وشَرَارَةً ، وأَما الضّمّ فحكاه بعضُهم ، ونقله الجَوْهَرِيّ والقَيُّومِيّ ، وأَهْلُ الأَفْعالِ.
وقال شيخُنَا : الكسرُ فيه كفَرِحَ هو الأَشْهَر ، والضمّ كلَبُبَ وكرُم وأَما الفتحُ فغَرِيبٌ ، أَورَدَه في المُحْكمِ وأَنكرَه الأَكثرُ ، ولم يتعرَّض لذِكْر المُضارِع ، إِبقاءً له على القياس ، فالمضمومُ مضارِعُه مضمومٌ ، على أصل قاعدته ، والمكسورُ مفتوحُ الآتِي على أَصل قاعدته ، والمفتوحُ مكسورُ الآتِي على أَصلِ قاعِدتِه ، لأَنه مُضَعَّفٌ لازِمٌ ، وهو المُصَرَّحُ به في الدواوين. انتهى.
وهو شَرِيرٌ ، كأَمِير ، وشِرِّيرٌ ، كسِكِّيتٍ ، مِنْ قومٍ أَشْرَارٍ وشِرِّيرِينَ.
وقال يونس : واحدُ الأَشرارِ رجُلٌ شَرٌّ ، مثل زَنْدٍ وأَزْنَادٍ. قال الأَخْفَشُ : واحدُها شَرِيرٌ ، وهو الرَّجُلُ ذو الشَّرِّ مثْل : يتِيم وأَيْتَامٍ.
ورجلٌ شِرِّيرٌ مِثال فِسِّيق ، أَي كثيرُ الشَّرّ.
ويقال : هو شَرٌّ مِنْكَ ، ولا يقال : هو أَشَرُّ مِنْكَ ، قَلِيلَةٌ أَو رَدِيئَةٌ ، القول الأَولُ نسبه الفَيُّومِيّ إِلى بني عامِر ، قال : وقُرئَ في الشّاذّ : مَن الكَذّابُ الأَشَرُّ (٣) على هذه اللغَة.
وفي الصّحاح : لا يُقَال : أَشرُّ النَّاسِ إِلا فِي لُغَة ردِيئَة.
وهِي شَرَّةٌ ، بالفتح ، وشُرَّى ، بالضّم ، يُذهَب بهما إِلى المُفَاضلة ، هكذا صَرّح به غيرُ واحد من أَئِمَّة اللُّغَة ، وجعله شَيْخُنَا كلاماً مختلطاً ، وهو محلُّ تأَمُّل.
قال الجوْهَرِيّ ، ومنه قولُ امرأَة من العَرب : أُعِيذُك بالله من نَفْسٍ حَرَّى ، وعَيْن شُرَّى. أي خَبِيثَة ، من الشَّرّ.
أَخرَجَتْه على فُعْلَى ، مثل أَصْغَر وصُغْرَى.
قلْت : ونسبَ بعضُهم هذه المرأَةَ إِلى بني عامِر ، كما صَرّح به صاحبُ اللّسَانِ ، وغيره.
وقالُوا : عينٌ شُرَّى ، إِذا نَظَرَت إِليك بالبَغْضَاءِ ، هكذا فَسَّرُوه في تفسير الرُّقْيَةِ المذكورة (٤).
وقال أَبو عمْرو : الشُّرَّى : العَيَّانَةُ (٥) من النّساءِ.
وقال كُرَاع : الشُّرَّى : أُنْثَى الشَّرّ الذي هو الأَشَرُّ في التقدير ، كالفُضْلى الذي هو تأْنيثُ الأَفْضَلِ.
وفي المحكم : فأَمّا ما أنشَدَه ابنُ الأَعْرَابيّ من قوله :
إِذا أَحْسَنَ ابنُ العَمّ بعدَ إِساءَة |
فلسْتُ لشَرِّي فِعْلَه بحَمُولِ |
إِنما أرادَ : لشَرِّ فعلِه ، فقَلَب.
وقد شَارَّه ، بالتَّشْدِيد ، مُشَارَّةً ، ويقال : شَارَّاه ، وفلان يُشَارُّ فلاناً ويُمارُّه ويُزَارُّه ، أَي يُعادِيه. والمُشارَّةُ :
__________________
(١) زيادة عن المصباح ، والنص منقول عنه.
(٢) سورة الأعراف الآية ١٨٠.
(٣) سورة القمر الآية ٢٦.
(٤) وقد وردت في اللسان عن امرأة من بني عامر قالت : أرقيك بالله من نفس حرّى وعين شُرّى.
(٥) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : العيّابة.