أَنه بضمّ الشين في المَصْدَر (١) كما يتبادر إِلى الذهن : عابَه وانْتَقَصَه. والشُّرُّ : العَيْبُ.
وشَرَّ اللَّحْمَ والأَقِطَ والثَّوْبَ ونَحْوَه ، وفي بعض الأُصول : ونَحْوها ، يَشُرُّه شَرّاً ، بالفَتْح ، إِذا وَضَعَه على خَصَفَة ، وهي الحَصِيرَةُ ، أو غيرها ؛ ليَجِفَّ. وأَصل الشَّرِّ : بَسْطُك الشيْءَ في الشَّمْسِ من الثّيابِ وغيرِهَا ، قال الشّاعر.
ثَوْبٌ على قَامَةٍ سَحْلٌ تَعَاوَرَهُ |
أَيْدِي الغَوَاسِلِ للأَرْوَاحِ مَشْرُورُ |
ـ واستدرك شيخُنَا في آخر المادّة نقلاً من الرّوض ، شَرَرْتُ المِلْح : فَرَّقْتُه ، فهو مَشْرُورٌ ، قال : وليس في كلام المصنّف ، قلْت : هو داخِلٌ في قوله : ونَحْوه ، كما لا يَخْفَى ـ كَأَشَرَّهُ إِشْرَاراً ، وشَرَّرَهُ تَشْرِيراً ، وشَرّاهُ ، على تَحْويلِ التَّضعيف ، قال ثعلب : وأَنشد بعضُ الرُّواة للرّاعِي :
فأَصْبَحَ يَسْتَافُ البِلَادَ كَأَنَّهُ |
مُشْرًى بأَطْرَافِ البُيُوتِ قَدِيدُها (٢) |
قال ابن سيدَه : وليسَ هذا البيتُ للرّاعِي ، إِنّما هو للحَلَالِ ابنِ عمّه.
والإِشْرارَةُ ، بالكَسْر : القَدِيدُ المَشْرُورُ ، وهو اللَّحْمُ المُجَفَّفُ.
والإِشْرَارَةُ ، أَيضاً : الخَصَفَةُ التي يُشَرُّ عليها الأَقِطُ ، أي يُبْسط ليَجِفّ.
وقيل : هي شُقَّةٌ من شُقَق البَيْتِ يُشَرَّرُ عليها ، والجمْع أَشارِيرُ ، وقَوْلُ أَبي كاهِل اليَشْكُرِيّ :
لَهَا أَشارِيرُ مِنْ لحْمٍ تُتَمِّرُه |
من الثَّعَالِي (٣) ووَخْزٌ من أَرانِيهَا |
يجوز أَن يُعنَى به الإِشْرَارَةُ من القَدِيدِ ، وأَن يُعْنَى به الخَصَفَةُ أو الشُّقَّة ، وأَرانِيها ، أي الأَرانِب ، وقال الكُمَيْتُ :
كأَنَّ الرَّذاذَ الضَّحْكَ حَوَلَ كِنَاسِه |
أَشَارِيرُ مِلْحٍ يَتَّبِعْنَ الرَّوامِسَا |
قال ابن الأَعرابيّ : الإِشْرَارَةُ : صَفِيحَةٌ يُجَفَّفُ عَلَيْهَا القَدِيدُ ، وجَمْعُهَا الأَشارِيرُ ، وكذلِك قال اللّيْثُ (٤).
والإِشْرَارَةُ أَيضاً : القِطْعَةُ العَظِيمَةُ من الإِبِلِ ؛ لانتشارِها وانْبِثاثِها.
وقد اسْتَشَرَّ ، إِذا صارَ ذا إِشْرارَة من إِبِل ، قال :
الجَدْبُ يَقْطَعُ عنكَ غَرْبَ لِسَانِه |
فإِذا اسْتَشَرَّ رَأَيْتَهُ بَرْبَارَا |
قال ابنُ بَرِّيّ : قال ثعلبٌ : اجتمعتُ مع ابن سَعْدان الرّاوِيَة ، فقال لي : أَسْأَلُكَ؟ قلت : نعم ، قال : ما مَعْنَى قَولِ الشَّاعِر. وذكرَ هذا البيت. فقلتُ له : المَعْنَى أَنّ الجَدْبَ يُفْقِرُه ويُمِيتُ إِبلَه ، فيقِلّ كَلَامُه ويَذِلّ ، وإِذا صارَت له إِشْرَارَةٌ من الإِبلِ صارَ بَرْبَاراً ، وكثُر كلامُه.
ومن المَجَاز : أَشَرَّه : أَظْهَرَهُ ، قال كَعْبُ بنُ جُعَيْل ، وقيل : إِنّه للحُصَيْن بن الحُمَامِ المُرِّيّ يَذكُر يوم صِفِّينَ :
فما بَرِحُوا حتَّى رَأَى الله صَبْرَهُم |
وحَتَّى أُشِرَّتْ بالأَكُفِّ المَصَاحِفُ |
أَي نُشِرَتْ وأُظْهِرَتْ ، قال الجَوْهَرِيّ والأَصْمَعِيّ : يُرْوَى قولُ امرِئِ القَيْسِ :
تَجَاوَزْتُ أَحْرَاساً إِليها ومَعْشَراً |
عَليَّ حِرَاصاً لوْ يُشِرُّونَ مَقْتَلِي |
على هذا ، قال : وهو بالسِّينِ أَجْوَدُ ، قلْت : وقد تَقَدَّم في مَحَلِّه.
وأَشَرَّ فُلَاناً : نَسَبَه إِلى الشَّرِّ ، وأَنكره بعضُهم ، كذا في اللِّسَان ، وقال طَرَفَةُ :
فمَا زالَ شُرْبِي الرّاحَ حتَّى أَشَرَّنِي |
صَدِيقِي وحَتَّى ساءَنِي بعضُ ذلِكَا |
__________________
(١) كذا ، وقد ضبطنا «شُرّاً» بضم الشين كما وردت في القاموس.
(٢) ديوانه ص ٩٦ من قصيدة يجيب خنزر بن أرقم ، وانظر تخريجه فيه ، وفيه «الغلاة» بدل «البلاد».
(٣) في المطبوعة الكويتية : السَّعالي ، ويعني بالوخز الخطيئة بعد الخطيئة أو الشيء بعد الشيء ، يعني أنها معدودة.
(٤) عبارة الليث ـ كما في التهذيب ـ شيء يبسط للشيء يجفف عليه من أقطٍ وبُرّ.